اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 4915 يناير 2021 - 7 طوبه 1737 ش     العدد كـــ PDFالعدد 1-2

اخر عدد

يا أمي

دكتور رسمي عبد الملك

15 يناير 2021 - 7 طوبه 1737 ش

جلست أتخيّل رؤية يسوع المسيح أثناء طفولته مع أمه العذراء، أتخيل كيف كان يكبر على ركبتيها، وكيف كان ينظر إلى وجهها، وكيف كان يضحك في وجهها بابتسامته المقدسة، وكيف كانت تتحمّل قوة نور وجهه، كيف تلامست أياديها مع أياديه وأصابعه التي صنعت وخلقت العالم كله، وكيف كانت تداعبه وتناغيه وتتحدث معه!

أتعجب يا أمي، كيف الشخص الذي لا يمكن احتواؤه في الكون كله، ولا يسعه أي مكان. كان محاطًا في رحمك! حقًا أيتها الأم الطاهرة إذا ما قارنتك بالسماء، فأنتِ حقًا أعلى من السموات، لأن الذي خلق السماء والارض سكن فيكِ تسعة أشهر، ولم تُحَلّ بتوليتك! الأم الباقية عذراء، العذراء كل حين.

كيف كان يضع فمه الطاهر على ثدييكِ ليرضع من اللبن البتولي، وكيف كنت تقبّلينه بفمكِ، ويتغذّى بحليبكِ الطاهر البتولي، والذي جعل لوقا البشير يذكر لنا في انجيله: «طوبى للبطن الذي حملك، والثديين اللذين رضعتهما» (لو١١: ٧).

أمي العذراء، الأم الوحيدة في العالم التي اختارها ابنها، لم نسمع أن ابنًا اختار أمه إلّا الطفل الإله يسوع المسيح، فمَن هي المشرقة مثل الصباح، الجميلة كالقمر، الطاهرة كالشمس (نش٦: ١٠).. الأم التي اختارها الله ليتجسد منها. والكلام فيها وعنها وعنه لا ينتهي، من حلاوته وحلاوتها، وبتأمل في معايير اختيارها للأمومة الإلهية، فقد كانت تتمتع بجوهر الإيمان العميق في حياتها، لديها شهوة الخدمة والعطاء، وتمتلك القدرة على تحمل المسئولية كأم لمخلص العالم، حارسة وساهرة على أمانة المسئولية، تمتلك الحكمة، وجمال الروح، والسعي نحو القداسة طوال حياتها.

هذه الأم المختارة، بدأ إعدادها، من والديها يواقيم وحنّة، حيث ذهبت الأخيرة إلى الهيكل لتترجّى الرب إعطائها طفلًا، وتعهّدا بتكريس هذ ا الطفل للهيكل مدى الحياة، فيُستجاب طلبهما، ويدعوان اسم مريم للفتاة الصغيرة. وبعد ثلاث سنوات أحضروا الطفلة إلى الهيكل، ووضعوها عند أقدام الكهنة. خدمت العذراء الطفلة في الهيكل مع غيرها من العذارى الأكبر سنًّا، ثم البشارة، ثم ولادة يسوع، ثم الهروب إلى مصر...

لذلك كانت لها ألقاب لم تحظَ بها امرأة في العالم كله، ونسمع من يُطلق عليها "سيدة العالمين". ومن بين هذه الصفات والألقاب (وهذه حقيقة) فأنت هي: كنز الفضائل، فخر الجنس البشري، أم النور المكرّمة من مشارق الشمس إلى مغاربها، الزهرة النيّرة غير المتغيرة، باب السماء (افتحي لنا باب الرحمة)، الملكة الحقيقية، المنارة الذهبية، الكرمة الحقيقية الحاملة عنقود الحياة، العليقة المكرّمة، الشفيعة المؤتمنة لجنس البشرية، المباركة في النساء...

وأقتبس من عظة رائعة ل"إفوديوس الروماني" (بطريرك ورئيس أساقفة روما بعد بطرس الرسول)، ما يلي، على لسان السيد المسيح:

"يا أمي، على الرغم من أنكِ حملتِني تسعة أشهر في رحمك، انا بدوري سأحملكِ في أحشاء رحمتي.

وإن كنتِ قد أرضعتِني على ركبتيكِ وبيديكِ، أنا بدوري سأضعكِ على عرش ممجّد، على يميني، ويمين أبي الصالح.

وإن كنت قد لففتِني بأقمطة في يوم ولادتي، ووضعتِني في مذود (لو٢: ٧)، أنا بدوري سأغطّيكِ بأجنحة السارافيم.

وإن كنتِ قد قبّلتِني بفمكِ، وأرضعتِني لبنكِ العذروي، أنا بدوري سأمدحكِ أمام أبي الذي في السموات، وأبي سوف يغذّيك بالخبز الحقيقي".




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx