اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 4929 يناير 2021 - 21 طوبه 1737 ش     العدد كـــ PDFالعدد 3-4

اخر عدد

وأوقف العمودين في رواق الهيكل

نيافة الانبا يوسف أسقف جنوب الولايات المتحدة الأمريكية

29 يناير 2021 - 21 طوبه 1737 ش

لما بنى سليمان الهيكل، من بين ما اعتنى به هو صناعة عمودين توأمين من النحاس بمقاييس محددة وتصميم معين. فقد صنع تاجين من نحاس مسبوك على شكل زهرة السوسن، ووضعهما على رأس العمودين، مع سلاسل وصفّين من الرمانات، وقاعدة لكل عمود. ولما كمل عمل العمودين أوقفهما سليمان في رواق الهيكل ودعا اسم العمود الأيمن "ياكين" ومعناه "سوف يُثَّبت"، والأيسر "بوعز" ومعناه "فيه عِزة أو فيه قوة" (1مل7: 15-22). ومن الجدير بالذكر أن هذين العمودين كانا أجوفين من الداخل كما ذكر إرميا النبي (إر52: 21)، ولم تكن وظيفتهما تقوية المباني أو حمل السقف، بل كانا واقفين بشكل مستقل في رواق الهيكل، أي على الباب الرئيسي المؤدي إلى القدس، وبالتالي يتعيّن على رئيس الكهنة والكهنة المرور بينهما عند الدخول والخروج من القدس. وعندما حدث سبي بابل في أيام إرميا النبي، كان العمودان من ضمن ما حمله الكلدانيون معهم من مُقدسات الهيكل. ولما أُعيد بناء الهيكل بعد العودة من السبي لم يكن العمودان من الأشياء التي تم استردادها، فبُني الهيكل الثاني بدون هذين العمودين.

ويقول البعض أن الكهنة والملوك كانوا يُمسحون عند هذين العمودين، حيث كان الكهنة يمسحون عند العمود الأيمن "ياكين"، والملوك عند العمود الأيسر "بوعز". أما اللاويون فكانوا يقفون في مقابل الشعب المجتمع في الدار الخارجية لتقديم الذبائح وظهرهم إلى العمودين، بينما كان الشعب الناظر نحو القدس يرى العمودين باستمرار أمام عينيه. ولعل الحكمة في ذلك هو تذكير الشعب باستمرار بعمود السحاب وعمود النار اللذين كان يسير فيهما الرب أمام بني إسرائيل في البرية: «لكي يمشوا نهارًا وليلًا. لم يبرح عمود السحاب نهارًا وعمود النار ليلًا من أمام الشعب» (خر13: 21-22). ويرى البعض أن هذين العمودين يمثّلان الشاروبيم.

ويرى بعض المفسرين أن سليمان اختار اسمي العمودين استنادًا على وعود الله لمملكة أبيه: «كرسيك مثبتة منذ القدم. منذ الأزل أنت» (مز93: 2) = ياكين أي سوف يُثبت؛ و«الرب يعطي عِزًّا لشعبه» (مز29: 11) = بوعز أي فيه العزّة.

وتساءل المفسرون عمّا إذا كان وضع العمودين على يمين ويسار المدخل هو من جهة الداخل إلى الهيكل أم من جهة الخارج منه. وخلص أغلبهم أنه من جهة الداخل إلى الهيكل. وبالتالي، يكون "ياكين" أي الثبات على يمين الكاهن عند دخوله إلى الهيكل و"بوعز" أي العزة على يساره، بينما ينقلب الوضع عند خروجه من الهيكل فتصير العزة عن يمينه والثبات عن يساره.

والحقيقة أن هذين العمودين يرمزان لحضور وعمل الروح القدس في هيكله ووسط شعبه. ولعل هذا هو السبب الذي جعل الكهنة والملوك يُمسحون عندهما، ورئيس الكهنة والكهنة لابد وأن يمروا من خلالهما أثناء دخولهم وخروجهم إلى القدس، واللاويين يخاطبون الشعب من بينهما. «ويحل عليه روح الرب، روح الحكمة والفهم، روح المشورة والقوة، روح المعرفة ومخافة الرب» (إش11: 2). وربما هذا هو السبب الذي من أجله يوضع عمودين من الخشب كجزء من تصميم حامل الأيقونات في بعض الكنائس لنتذكر "ياكين"، و"بوعز" في حياتنا، ولكي يستند عليهما الكاهن عند دخوله وخروجه من الهيكل فيستمد ثباته وقوته من عمل الروح القدس. إنه يحتاج إلى الثبات عند دخوله إلى محضر الرب في هيكله، وإلى القوة عند خروجه إلى الشعب ليخدمهم. وإن كنا نحن هياكل الله، فكل منا على المستوى الشخصي يستند على هذين العمودين عن يمينه ويساره لكي يتمم خلاصه بخوف ورعدة. «وإله كل نعمة الذي دعانا إلى مجده الأبدي في المسيح يسوع، بعدما تألمتم يسيرًا، هو يكملكم، ويثبتكم، ويقويكم، ويمكنكم» (1بط5: 10).




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx