اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 4926 فبراير 2021 - 19 امشير 1737 ش     العدد كـــ PDFالعدد 7-8

اخر عدد

الإنسان العتيق والحياة الجديدة

القس ابراهيم عازر

26 فبراير 2021 - 19 امشير 1737 ش

يحدثنا القديس بولس الرسول عن عمل الله في المؤمن، ويذكر لنا كيف حرّرنا من عبودية الخطية، عندما صُلب الإنسان العتيق، ليبطل جسد الخطية «عالمين أن إنساننا العتيق قد صُلِب معه ليبطل جسد الخطية، كي لا نعود نُستعبد للخطية» (رو6:6). والإنسان العتيق هو واحد من التعبيرات التي تميز بها القديس بولس ليشرح قوة الحياة الجديدة في المسيح يسوع، بالمقابل الإنسان العتيق الذي ورثناه من أبينا آدم.

الإنسان العتيق هو الشخصية الإنسانية التي اُستُعبِدت للخطية، فصارت مصدرًا للإثم (جسد الخطية). ومن الضروري أن نفهم معنى الخطية، وجسد الخطية حتى نصل لمفهوم صحيح عن الإنسان العتيق. فالخطية المقصودة هنا ليست الخطايا مثل الكذب، الشتيمة... ولكن ما يقصده الرسول هنا هو مبدأ الشر وأصله، الذي هو حالة الاستقلال عن الله، هذا هو جوهر الخطية: انفصال عن النور، استقلال عن البر. فالخاطئ هو من لم يستحسن أن يُبقي الله في معرفته، لم يُسر أن يكون الله مركزًا لحياته. وهو الإنسان الذي امتدت يده لتأخذ من يد الشيطان، فصار للشيطان موضوعًا، والخطية مسكنًا؛ وهنا بدأ الشر، واستفحل، وانتشر.

أمّا تعبير جسد الخطية، فليس المقصود هنا الجسد (اللحم والدم)، ولا الأعضاء أو الغرائز (خليقة الله مقدسة)، وإنما يقصد ان ذلك الكيان الإنساني (روحًا وجسدًا) في تغرُّبه عن الله، صار تحت سلطان الخطية وعبودية إبليس، فامتلكته الخطية واستعبدته، وجرّدته من النعمة، فصار يحمل نتاج خطايا. فالجسد ليس سواء أداة في يد العقل والذهن، إن تقدس تنقّى، وإن تلوّث فسد.

هذا هو الإنسان العتيق، هو ذلك الكيان المتغرِّب عن الله فصار حاملًا للخطية، مُستَعبدًا لها، ومنتجًا لخطايا عدة. هذا هو ميراث أبينا آدم.

لذلك فالعلاج الإلهي الذي تمّمه الرب يسوع بتجسده تعامل مع هذا الكيان، أخذه، حمله، اتحد به. فلم يأخذ جسدًا من غير طبيعة غير طبيعتنا، بل جسًدا حقيقيًا، كاملًا من مريم العذراء، جعل الكتاب يقول، «الذي لم يعرف خطية، جُعِل خطية لأجلنا»، و«الرب قد وضع عليه إثم جميعنا». كان على الرب يسوع أن يتعامل أولًا مع ميراثنا القديم، مع الإنسان العتيق (العجينة البشرية القديمة) قبل أن يؤسس لنا "عجينة جديدة". لذلك أخذ الإنسان العتيق معه، أدانه، صلبه، قيّده، جرّده من قوته، مُسمِّرًا ومُقيِّدًا ومُبطِلًا مفعوله في صليبه، ومُنفِّذًا فيه حكم الموت.

لكن الذي حمل موتنا وفسادنا واجتازه لأجلنا، لم يبخل علينا أيضًا بحياته وقوة قيامته. لذلك قام ليعطينا قوة قيامته، قوة للحياة الجديدة، الإنسان الجديد في المسيح يسوع. ولذلك صار موت المسيح وقيامته هما أساس حياتنا الجديدة فيه، بعد صلب إنساننا العتيق. وأبطل سلطان الخطية، فلم نعد بعد عبيدًا، بل تحرّرنا منها.

ولكن يتبقّى اشتراكنا في موته وقيامته، يتبقّى دخولنا إلى سرّ قبره وقيامته. إنها المعمودية، سر ميلادنا الجديد، والتي توفّر لنا شركة حقيقية لموت المسيح وقيامته. حقًا لا نموت (موتًا حقيقيًا، فما زلنا أحياء)، وإنما على مثال موت المسيح وقيامته. ولذلك لا بد أن نُدفَن ونغطس ونموت في القبر (المياه) ثم نجوز حياة جديدة، فتصبح إنسانًا جديدًا وكيانًا جديدًا، مُحرَّرًا من عبودية الخطية. ويبقى جهادنا أن نبقى دائمًا في المسيح، نحبه ونمجده. ولكن لا يجب أن نعطي لجذرنا القديم العتيق المائت أن يستيقظ مرة أخرى، بعد أن أبطله الرب يسوع؛ وإن أسقطنا، فبالتوبة نمارس حريتنا في المسيح يسوع، فالخطية لن تسود بعد.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx