اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون24 مارس 2017 - 15 برمهات 1733 ش     العدد كـــ PDFالعدد 11-12

اخر عدد

إعداد الميرون المقدس

قداسة البابا تواضروس الثانى

24 مارس 2017 - 15 برمهات 1733 ش

بنعمة المسيح إلهنا، وبشفاعة أمنا العذراء مريم، والقديس مارمرقس الرسول شفيع كنيستنا وكاروز بلادنا، وببركة أيام الصوم المقدس؛ نعتزم عمل الميرون المقدس للمرة "39" في تاريخ كنيستنا المجيد يومي 4، 5 أبريل 2017.

سر الميرون المقدس أو سر المسحة المقدسة هو السر الثاني في عِداد الأسرار الكنسية السبعة بعد سر المعمودية، وهو سر لا يتكرر في حياة المسيحي إلّا مرة واحدة بعد معموديته. كما أن زيت الميرون (كلمة يونانية معناها طيب أو رائحة عطرية) يُستخدَم في تدشين المذابح والكنائس وأواني الخدمة السرائرية والمعموديات والأيقونات.

لقد كان هذا السر يُمارَس وقت آبائنا الرسل بوضع اليد على المُعمَّدين، ولكن بعد انتشار الكرازة لم يكن في إمكان الرسل أن ينتقلوا من مكان إلى آخر لوضع أيديهم على المؤمنين، ولذا رتب الآباء بإرشاد الروح القدس عمل الميرون المقدس ليكون هو المسحة المقدسة التي تحل محل وضع اليد. كما يقول الكتاب المقدس «... خَلَّصَنَا بِغُسْلِ الْمِيلاَدِ الثَّانِي (المعمودية) وَتَجْدِيدِ الرُّوحِ الْقُدُسِ (أي المسحة)...» (تي3: 5). ويؤكد القديس بولس نفس الكلام إلى أهل كورنثوس «وَلكِنِ اغْتَسَلْتُمْ، (أي المعمودية)، بَلْ تَقَدَّسْتُمْ (أي المسحة)...» (1كو6: 11).

بدأ عمل الميرون المقدس منذ العصر الرسولي حيث أخذ الآباء الحنوط الموجودة في كفن السيد المسيح والتي وضعها يوسف الرامي ونيقوديموس على جسد الرب (يو19: 39و 40) وكذا الأطياب التي أحضرتها المريمات (مر16: 1)، ومزجوها بزيت الزيتون النقي، وقدسوها بالصلاة وكلمة الله، وجعلوها دهنًا مقدسًا لسر مسحة الروح القدس، وخاتمًا للمؤمنين بعد تعميدهم.

ويُعتبر القديس البابا أثناسيوس الرسولي (326-373م) هو أول من عمل الميرون في تاريخ كنيستنا في مدينة الإسكندرية عام 340م اعتمادًا على ما أحضره القديس مارمرقس معه من خلطة الحنوط والأطياب في زيت الزيتون التي عملها الآباء الرسل.

واستمر بعد ذلك عمل الميرون عبر تاريخ كنيستنا 37 مرة من خلال عصور مختلفة، وربما يكون التاريخ قد أغفل ذكر عمل الميرون في تاريخ بعض البطاركة لبعض الظروف سواء الاقتصادية أو السياسية أو غيرها.

ويتكون الميرون المقدس من إضافة 27 مادة مُستخلصة كزيوت عطرية إلى زيت الزيتون عالي النقاء، وكل هذه الزيوت الـ28 نباتية الأصل، ومذكورة في أكثر من موضع في الكتاب المقدس مثل (خروج 30؛ صموئيل الأول 10: 1؛ 16: 13).

وكانت الطريقة التقليدية تقوم على إجراء بعض العمليات الكيميائية لاستخلاص الزيوت العطرية من أصولها النباتية، وكان العامة يسمون هذه العمليات "طبخ" حيث تُستخدَم المواقد الحرارية والتسخين والتبريد والتقليب والترشيح، مما يستهلك وقتًا كبيرًا ومجهودًا كثيرًا، بالإضافة إلى نتائج ضعيفة في الاستخلاص الكامل للزيوت العطرية لعدم مراعاة الخصائص اللازمة لكل مادة للحصول على الزيت العطري من أصله النباتي بطريقة فنية سليمة.

وكان شراء الأصول النباتية من الأسواق المحلية أو الخارجية يتعرض لكثير من السلبيات كالغش مثلًا، أو استخدام أجزاء من النبات ليس هي المطلوبة بالتحديد، أو صعوبة توفر مادة بعينها، فضلًا عن عمليات الطحن لبعض المواد شديدة الصلابة، ويكون الفاقد حوالي 30%، ثم عمليات التسخين والطبخ التي تساعد على ذوبان الزيوت العطرية في زيت الزيتون. ولكن حيث أن درجة غليان الماء أعلى من درجة غليان الزيوت العطرية، كانت المواد العطرية تتطاير أثناء التسخين ولا يتبقى منها إلا القليل، مما يفقد الناتج رائحته العطرية التي بسببها حمل اسم "ميرون" = طيب الرائحة العطرية.

أمّا عمليات التصفية فكانت المواد الناعمة تنفذ من قماش الترشيح إلى الزيت الذي يتم تصفيته، وكثير من الآباء اشتكوا من وجود بعض الرواسب في زجاجات الميرون ولا يعرفون كيف يتخلصون منها... وهكذا ظهرت عدة مشكلات بعضها منظور وبعضها غير منظور في كل عمليات إعداد الميرون.

ومن هنا كان استخدام العلم والتكنولوجيا الحديثة في تطوير عملية إعداد الميرون توفيرًا للوقت الطويل والمجهود الكبير ورفع كفاءة الناتج النهائي بإسلوب عصري سليم دون المساس بالطقس الكنسي من القراءات والألحان والصلوات.

وقد طبقّنا هذا للمرة الأولى في عمل الميرون عام 2014 (المرة 38 في تاريخ عمل الميرون) بعد موافقة أعضاء المجمع المقدس على هذا الأسلوب الجديد، وكانت نتائجه مبهرة... حيث تم إعداد 600 كيلو من زيت الميرون مع 300 كيلو من زيت الغاليلاون، واُستُخدمت هذه الكمية على مدارس السنوات الثلاث الماضية بمعدل 200 كيلو سنويًا (ميرون) ومائة كيلو (غاليلاون) مُقسَّمة على حوالي مائة إيبارشية ومنطقة رعوية وهذه معدلات كافية تمامًا، مع العلم أن أعضاء المجمع المقدس 126 عضوًا، ويبدو أن إعداد الميرون كل ثلاث سنوات بنفس الكميات سيكون مناسبًا.

وفي هذا العام قام نيافة الأنبا صرابامون أسقف ورئيس دير القديس العظيم الأنبا بيشوي بوادي النطرون بتوفير كميات زيت الزيتون عالي النقاء مع بعض الأديرة الأخرى، كما قام نيافة الأنبا سيرابيون مطران لوس آنجلوس بأمريكا بتوفير الزيوت العطرية النقية من عدة شركات عالمية بمساعدة القمص جوارجيوس عطالله – وهو أستاذ كيمياء سابق – وشارك في كل مرات عمل الميرون السبع (من 1981 إلى عام 2008م) في حبرية المتنيح البابا شنوده الثالث. كما اهتم بتطبيق الأسلوب الجديد في إعداد الميرون عام 2014م.

وسوف يُخصَّص يوم الثلاثاء 4/4/2017م لإعداد الميرون وتوقيع الآباء المطارنة والأساقفة مع الصلوات والقراءات والألحان والقداس، ويوم الأربعاء 5/4/2017م يُخصَّص لتقديس زيت الميرون وزيت الغاليلاون مع القداس.

ثم صباح يوم شم النسيم 17/4/2017م تُضاف الخميرة المقدسة إلى أواني الميرون الموضوعة في شرقية الهيكل، حيث يحضر قداسات الخماسين المقدسة قبل تعبئته وتوزيعه على الإيبارشيات والكنائس.

قد كان لنا فرصة حضور عمل الميرون المقدس في الكنيسة الأرمنية في أنطلياس في لبنان – وهي كنيسة شقيقة لنا في الإيمان الأرثوذكسي – حيث استغرق كل الطقس (إعداد وتقديس وإضافة الخميرة) حوالي ساعتين فقط وذلك في يوليو 2015م.

كما عرفنا في أرمينيا حيث الكنيسة الأرمنية الأرثوذكسية في اتشميازين، أن الميرون يصنع كل سبع سنوات خلال يوم محدد في الأسبوع الأول من شهر سبتمبر.

وهكذا يتم عمل الميرون والغاليلاون في كنيستنا المقدسة بطريقة فنية دقيقة وكل الزيوت خالية من الرواسب أو الأتفال، وكل الزيوت العطرية ممتزجة بدون أي فاقد وبكفاءة عالية جدًا وفي وقت مختصر، مع تلاوة كل القراءات الخاصة والألحان والصلوات الكنسية.

إنها مناسبة فرح وتمجيد...

كل ميرون وأنتم طيبون بخير وسلام



  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx