اسم المستخدم

 

كلمة المرور

 

    
 
بحث
اللغه
select
السة 4907 مايو 2021 - 29 برموده 1737 ش     العدد كـــ PDFالعدد 17-18

اخر عدد

عظة قداس عيد القيامة المجيد 1737ش / 2021م

قداسة البابا تواضروس الثانى

07 مايو 2021 - 29 برموده 1737 ش

باسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد. آمين.

تحل علينا نعمته ورحمته في كنيسته المقدسة من الآن وإلى الأبد. آمين. 

Xrictoc Anecth.. المسيح قام

نشكركم جميعًا أيها الأحباء ونشكر حضوركم، وإن كانت هذه الجائحة قد عطلت الكثيرين، ونحن احترامًا لكل الإجراءات الاحترازية تقبّلنا التهاني من جميع أحبائنا من المسؤولين في كل قطاعات الدولة المصرية. نشكرهم على محبتهم وتهنئتهم، ونظرًا للسعة المحدودة اكتفينا بعدد تقريبًا ١٠٪ من سعة هذه الكنيسة (الكاتدرائية)، آخر مرة صلينا هنا كان في أبريل ٢٠١٩. 

نشكر الله أنه أعطانا هذه النعمة أن نحتفل بعيد القيامة في هذه الكاتدرائية المباركة، نحن نحتفل بعيد القيامة الذي هو عيد الأعياد وفرح الأفراح، وهو أساس إيماننا وأساس حياتنا وبدون القيامة لم توجد الكنيسة المسيحية ولم توجد المسيحية أصلًا، والقيامة ليست عملًا أو حدثًا ماضيًا أو تاريخًا، لكنها حالة مستمرة وتاريخًا حاضرًا على الدوام، وهذا الحضور لعيد القيامة هو الذي يعطي لحياتنا المسيحية ولكنيستنا ولكل العالم المسيحي طعم الإيمان المسيحي والحياة المسيحية. واختلاف مواعيد عيد القيامة بين الشرق والغرب يرجع إلى اختلاف التقويم المستخدم ودائمًا يوجد فرق يتراوح من أسبوع إلى أربعة أسابيع كما هو الحال هذا العام، وسيتوافق ميعادا العيد شرقًا وغربًا العام القادم، فالاختلاف في التقويم وليس في العقيدة. واحتفالنا بعيد القيامة المجيد يستمر لمدة ٥٠ يومًا نسميها "الخمسين المقدسة"، وهي بمثابة يوم أحد طويل يمتد لسبعة أسابيع، أي ٤٩ يومًا، واليوم رقم ٥٠ هو عيد العنصرة، ففترة الخمسين هي الفترة الوحيدة في السنة التي نبدأها بعيد وننهيها بعيد، نبدأها بعيد القيامة وننهيها بعيد العنصرة (حلول الروح القدس).

لكننا أيضًا نحتفل بعيد القيامة في كل صباح، فنحن حسب ترتيب كنيستنا نصلي في القطعة الثانية لصلاة باكر كل يوم بهذه الكلمات: "عندما دخل إلينا وقت الصباح أيها المسيح إلهنا النور الحقيقي فلتشرق فينا الحواس المضيئة والأفكار النورانية ولا تغطينا ظلمة الآلام"، و"وقت الصباح" هو وقت القيامة لأن القيامة كانت فجرًا، و"النور الحقيقي" هو المسيح الذي قام في الفجر مثل نور الشمس الذي يشرق في وقت الصباح. وأريد أن أقف وأتأمل معكم في تعبير "الحواس المضيئة"، فالله عندما خلق الإنسان زوّده بالحواس الخمس المعروفة، وهي وسائل الإنسان للمعرفة والفهم والإدراك والاكتشاف والتعلُّم والتعليم والنشأة وبقية نواحي المعرفة بصفة عامة. والحواس الخمس التي أعطاها الله لنا جميعًا، عندما تضعف إحداها، النظر مثلًا، نذهب إلى الطبيب فيوصي بعمل نظارات طبية، أو إذا ضعف السمع يوصي الطبيب بعمل سماعة طبية، وهذا من الناحية المادية أو الفسيولوجية الوظيفية لهذه الحواس، ولكن القيامة يا أحبائي أعطت الإنسان بُعدًا جديدًا، فجعلت له "الحواس المضيئة"، فلم نعد نستخدم فقط الحواس المادية في حياتنا، بل أُضيف بالقيامة للإنسان بُعد جديد نسميه في صلواتنا "الحواس المضيئة" وهي الحواس الواعية الفاهمة التي تمتاز بحساسية فائقة. وربما نعلم جميعًا الفارق بين "البصر" و"البصيرة"، ويتضح أمامنا أن البصر هو الاستخدام المادي للعين الذي يستطيع الطبيب قياسه وتقييمه، أما البصيرة فهي شيء آخر.

القيامة ونورها يا إخوتي يعطيان حواسنا إمكانية أكبر فتصير حواسنا مضيئة، فهنالك شخص يمكن أن نصفه بأن عقله مستنير، وشخص آخر -الرب يحفظ الجميع- نصفه بأنه "أعمى القلب"، فقلبه المادي يعمل وينبض، وقد يقيّم الطبيب أداء قلبه بـ"١٠/ ١٠"، ولكن قلبه لا يرى! وقد يكون شخص آخر -الرب يحفظ الجميع- بليد الإحساس... إذًا فالقيامة أعطتنا بُعدًا جديدًا في الحياة اسمه الحواس المضيئة، أي الحواس التي تفهم وتشعر، الحواس المستنيرة، وأريد أن أقف معكم أمام ٥ مشاهد في القيامة تظهر هذه الحواس المضيئة: 

١- حاسة البصر

ونراها في جموع التلاميذ الذين كانوا في حالة خوف وهلع بعد صليب ربنا يسوع المسيح، وهذا الخوف جعلهم يجتمعون في العلية (وهي غرفة مرتفعة قليلًا) التي كانت أبوابها "مُغَلَّقَةً" حسب تعبير الكتاب المقدس، أي أنها كانت مغلقة بإحكام دليلًا على الخوف. في مساء يوم القيامة نرى المسيح يظهر في وسطهم ويمنحهم السلام، ويريهم يديه وأثر المسامير ومكان الحربة، ثم يقول الكتاب تعبيرًا هامًّا «فَفَرِحَ التَّلاَمِيذُ إِذْ رَأَوْا الرَّبَّ»، في هذا الوقت نالوا نعمة حاسة البصر المضيئة أو المستنيرة، فعندما رأوا المسيح اُنتُزِع منهم كل خوف وهلع، وتحوّلا إلى فرح، فصارت العين المستنيرة أو حاسة البصر المضيئة ترى فرحًا، والخوف ينتفي ويبتعد، وتصير لهم هذه الحاسة التي تبدّل كل ما عاشوا فيه من مخاوف إلى فرح شديد، وهو ما حركهم للكرازة والتبشير والتعب من أجل خدمة المسيح، كل هذا لأن عيونهم رأت فرح القيامة.. أيها الحبيب ارفع قلبك وقل له: يا رب أعطني هذه العين، حاسة البصر المضيئة لكيما ترى فرحًا، حتى إن هاجت الأمواج يمكنك أن ترى فرحًا لأن عينيك تريان المسيح الذي يقود هذه الحياة وهو ضابط الكل، فالنور أشرق فينا فصارت لنا الحواس المضيئة والأفكار النورانية، وهذه هي نعمة القيامة.

٢- حاسة السمع

آذاننا تسمع ولها مقياس مادي، والأذن الخارجية تجمع الصوت وتدخله إلى أعضاء الأذن الداخلية لكي يفهمه الإنسان، وترتبط الأذن بالكلام.. لكننا نرى مشهد الأذن أو حاسة السمع المضيئة في مقابلة المسيح في فجر القيامة مع مريم المجدلية، فمريم المجدلية كانت إنسانة غنية ولكنها اُحتُلَّت من قِبَل سبعة شياطين، فصارت حياتها خربة، وعندما تقابلت مع السيد المسيح أخرج منها هذه الشياطين السبعة فصارت إنسانة فاضلة، وتبعت المسيح وظلت في تبعيته وفي وفاء شديد له لأنه أنقذها من أتعاب الشياطين، وظلت مع المسيح حتى الصليب وحتى الدفن. وفي فجر الأحد ذهبت إلى القبر باكية، وتصور معي إنسانة بقيت ٣ أيام تبكي وعيناها مليئتان بالدموع، وذهبت إلى القبر لا تعلم ما عساها أن تفعل، هي فقط ذهبت لتراه في القبر، فدخلت لتجد القبر فارغًا! سألها الملاكان عن سبب بكائها فأجابتهما «لأنهم أخذوا سيدي ولست أعلم أين وضعوه». ثم ظهر لها المسيح فلم تستطع تمييزه بسبب البكاء الشديد، مما يعني أن حاسة البصر لديها كانت ضعيفة بعض الشيء، لكنها عندما سمعت اسمها من فم المسيح استيقظت فيها حاسة السمع المضيئة وانتبهت أذناها، فقط عند سماع اسمها «يَا مَرْيَمُ» التفتت إليه ورأته ونادته بالتعبير اليهودي لكلمة "يا معلم" الذي هو "رَبُّونِي" وانتبهت للمسيح. وأرجوك أن تتخيل معي ماذا حدث لأذنها في هذه اللحظة عندما استمعت إلى صوت اسمها من المسيح، وصارت لها هذه الحاسة المضيئة، فانتبهت واستيقظت وفرحت حتى أنها لم تكن مصدقة فحاولت لمس المسيح لتتأكد.. الحاسة المضيئة تجعلك تستجيب وتستمع لصوت الله. ربما تتذكرون معي صموئيل النبي في العهد القديم، عندما كان طفلًا صغيرًا وكان الله يناديه، فذهب لمعلمه الكاهن يسأله عمّا يجب أن يفعله عند سماع الصوت الذي لم يفهم مصدره، فقال له الكاهن الفاهم: عندما تسمع الصوت قل: «تَكَلَّمْ يَا رَبُّ لأَنَّ عَبْدَكَ سَامِعٌ». يجب أن تكون أذنك حاضرة وسامعة. قد تُصادف شخصًا يقول إن أذنه تسمع "دبّة النملة"، لكن السؤال هنا: هل تسمع الوصية وتطيعها؟ وهل حاسة سمعك مضيئة؟ الله يشتاق أن يسمعنا ويرى وجوهنا، وفي سفر النشيد يكلم الله النفس البشرية ويقول: «أَرِينِي وَجْهَكِ، أَسْمِعِينِي صَوْتَكِ، لأَنَّ صَوْتَكِ لَطِيفٌ وَوَجْهَكِ جَمِيلٌ»، الله يكلم كل نفس فينا بهذه الكلمات، ففي كل مرة تقف للصلاة أيها الحبيب، الله يشتاق أن يسمع صوتك ويرى وجهك، فهل تشتاق عيناك وأذناك بالمثل؟ هل تقول له "عندما دخل إلينا وقت الصباح أيها المسيح إلهنا النور الحقيقي فلتشرق فينا الحواس المضيئة"؟ وأنت تصلي الآن وتحتفل بالقيامة قل له: يا رب أعطني حاسة السمع المضيئة التي تسمع وصيتك وكلمتك وكل شيء تقوله لي.  

٣- حاسة الشم

يتميز بها الإنسان وإن كانت بعض الحيوانات لها حاسة شم أكثر تركيزًا، وهي حاسة رقيقة للغاية، وهي تتضح في موقف المريمات وهن ذاهبات إلى القبر يأخذن معهن حنوطًا، وهي عبارة عن مواد نباتية عطرة مُجفّفة، يأخذها الإنسان ويقدمها كتقليد قديم كرمز عن قيمة الشخص الذي انتقل بصورة الوفاء. كأننا نقول له حياتك كالعطر، سيرتك كانت عاطرة، حياتك كانت سامية ومقدسة.

المريمات أخذن معهن الحنوط لكي يقدمنها، وهو ما يمثل حاسة الشم الرقيقة. وتقديم الزهور والورود هو تعبير عن المشاعر الرقيقة التي يحملها الإنسان. وهناك تقليد معروف لدى كل البشر، وهو تقديم الورود في مناسبات مثل زيارة مريض، كنوع من التمني له بالتحسُّن، أو عند انتقال أحد نقدم الورد كتعبير عن الوفاء لهذا الإنسان الذي فارق الحياة.

حاسة الشم نستخدمها في الكنيسة عندما نستخدم البخور، فالبخور أيضًا يمثل الصلوات الصاعدة. لهذا فنحن في احتفالات أعياد القديسين نقدم الحنوط، وكذلك في الجمعة العظيمة نستخدم الكثير من الحنوط والورود. كلها تحمل تعبير عن معانٍ سامية وراقية للغاية. حاسة الشم المضيئة، هناك إنسان مشاعره غائبة أو هي ميتة، بينما هناك آخر مشاعره حساسة، حاضرة مضيئة مستنيرة، هكذا كانت حاسة الشم لدى المريمات اللاتي قدمن الحنوط. 

٤- حاسة التذوق

بطرس الرسول كان تلميذًا متقدمًا بين تلاميذ ربنا يسوع، ولكنه في أهم موقف وقع في خطأ شديد، وقبل الصليب بساعات أنكر المسيح. وهو ضعف بشري منه، وبالطبع كل إنسان معرض للضعف. ولكن أنظروا يا إخوتي كيف تعامل الله مع هذا الضعف. بطرس الرسول الذي شهد معجزات السيد المسيح وسمع تعاليمه وحضر معه كثيرًا يأتي في هذه اللحظة وينكر المسيح، فهل يتركه الله؟! 

بعد القيامة يذهب بطرس ويترك مكانته ويعود إلى مهنته الأولى (صيد السمك)، وبينما هو يحاول أن يصطاد لم يجد أي أسماك إلى جاء السيد المسيح وقال لهم ارموا الشباك في الجانب الأيمن، وإذ فعلوا ذلك وجدوا سمكًا كثيرًا. أخرجوا ١٥٣ سمكة وهو رقم له مدلول (حاصل جمع الأرقام من ١ وحتى ١٧ هو ١٥٣)، ورقم ١٧ حاصل جمع ١٠ (الوصايا العشر في العهد القديم) مع ٧ (الأسرار السبعة في العهد الجديد). وظهر لهم المسيح فخرجوا من الماء وجلسوا ليأكلوا أي يتذوّقوا من السمك الذي اصطادوه. وهنا أراد السيد المسيح لبطرس أن يتذوّق طعامًا آخر وهو طعام الحب. حين قال له: أتحبني؟! ثلاث مرات، ويجيبه بطرس بنعم، فيقول له: «ارعَ غنمي.. ارعَ خرافي»، وهنا يتذوق بطرس من خلال جلسة الأكل، طعم الحب، وينجو ويعود إلى رتبته الأولى. ويبدأ عهدًا جديدًا مع المسيح، بالطبع لقد تذوق بطرس الطعام (السمك) لكنه بالأكثر تذوق طعم الحب، حب المسيح له وصارت له الحاسة المضيئة، حاسة التذوق.

وأحد أهداف الصوم هو أن يعطينا حاسة التذوق المضيئة، أي أن تنمو في الإنسان حاسة التذوق المضيئة، فيقول «ذُوقُوا وَانْظُرُوا مَا أَطْيَبَ الرَّبَّ» (مز٣٤: ٨). 

٥- حاسة اللمس

عندما ظهر السيد المسيح للتلاميذ مساء يوم القيامة لم يكن توما الرسول معهم. وعندما أخبره التلاميذ أنهم رأوا السيد المسيح لم يصدق، وقال لهم «لن أؤمن إن لم أضع أصبعي في مكان المسامير ويدي في مكان الحربة». وبعد أسبوع بينما كان التلاميذ مجتمعين وتوما معه، جاء السيد المسيح وقال له «تعال هات اصبعك والمس مكان المسامير وهات يدك والمس مكان الحربة». ويلمس جراحات المسيح والمسامير وأثرها، ومكان الحربة في جنبه، فيصرخ صرخته القوية ويقول «ربي وإلهي»، فيطوِّبه المسيح ثم يطوِّبنا نحن بقوله: «طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا»، وتصير حاسة اللمس مضيئة، لذلك ترون الأب الكاهن أو الأسقف يمسك صليبًا في يده، فهذا تطبيق لحاسة اللمس المضيئة لأنه يتلامس مع المسيح على الدوام. وعندما نصلي القداس في بدايته نقول: "قبلوا بعضكم بعضًا" ونسلم بعضنا على بعض بالأيدي وهو ضمن حاسة اللمس المضيئة أيضًا، ويعبر عن المصالحة والصفح والغفران.

ونعود لنقول مع هذه الحواس الخمس: "عندما دخل إلينا وقت الصباح أيها المسيح إلهنا النور الحقيقي فلتشرق فينا الحواس المضيئة والأفكار النورانية ولا تغطينا ظلمة الآلام". 

يا إخوتي الأحباء نحن لا نحتفل بحدث ماضٍ، ولا مجرد تذكار ولا مجرد مظاهر عيد كغيره من الأعياد، لأن في عيد القيامة تتجدد حواسنا التي بها نحيا فنرى السماويات ونتذوق الروحيات، ونتمتع بهذه الحواس لكيما تكون مداخل للمعرفة الروحية، فهنالك شخص عندما يقرأ الإنجيل تفهم حواسه الروحية، أو يقف للصلاة فيسمع ويتكلم بالحواس الروحية، أو يقرأ في سيرة قديس أو في كتاب روحي أو يستمع إلى عظة فتستيقظ حواسه الروحية، لذلك ارفع قلبك اليوم أثناء القداس وصلِّ أن يعطيك الله هذه الحواس المضيئة والأفكار النورانية، وألّا تغطيك ظلمة الآلام. أعطني يا رب هذه الحواس المضيئة في البصر والسمع والشم والتذوق واللمس، وأعطني ألّا تكون حواسًّا جسمانية كما نصلي في صلاة الساعة التاسعة "أمت حواسنا الجسمانية"، فالحواس الجسمانية هي للتراب أما الروحية فللسماء لذلك اهتم أن تكون حواسك روحية. 

نحن نشكر الله الذي أعطانا اليوم أن نفرح فرحة القيامة المجيدة لكيما تملأ حياتنا وكنائسنا وبيوتنا وبلادنا وتغمر العالم كله. 

ونكرر شكرنا للسيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية على محبته وتعبه ومسئولياته الكثيرة التي يقوم بها، حتى أننا نراه يستغل أيام الإجازات لتفقد المشروعات المتنوعة. نحييه ونصلي من أجله. كما نصلي من أجل كل المسئولين في قطاعات بلادنا الحبيبة، ونحيّي أيضًا قواتنا المسلحة وشرطتنا الوطنية حراس الوطن في الداخل والخارج. نحيي كل الذين يعملون بإخلاص وأمانة لبناء هذا الوطن على كل المستويات وفي كل مكان، ونريد أن تكون حياتنا وبلادنا متقدمة في وسط بلاد العالم. نحن نصلي من أجل كل شهداء مصر ونذكرهم بكل الوفاء، أيضًا نصلي من أجل المصابين لكيما يعطيهم الله شفاءً، ونصلي في طلبة خاصة من أجل هذا الوباء والجائحة التي اجتاحت العالم بصورة مفزعة، واثقين أن يد الله الرحيم تستطيع أن ترحم العالم كله. نصلي من أجل الأسر المتألمة ومن أجل المصابين لكيما يمنّ الله عليهم بالشفاء، نصلي من أجل الأحباء العاملين في القطاع الصحي، الأطباء والتمريض والفنيين وكل العاملين باعتبارهم الخط الأول في مواجهة هذه الجائحة، نصلي أن يعطيهم الله القوة والقدرة، ونعزي أسر الذين رحلوا بعد أن أبلوا حسنًا في معالجة المرضى عمومًا ليس في الكورونا فقط. 

نرفع طلبة خاصة ونصلي كثيرًا من أجل مشكلة سد النهضة، ليمد الله يده ويعمل فيها للوصول إلى حلول ترضي الجميع، نحن ننظر إلى دولة إثيوبيا الشقيقة فكلنا في قارة واحدة، قارة أفريقيا، وندعو إثيوبيا حكومة وشعبًا بدلًا من أي قلق أو صراع أو متاعب إلى المشاركة والتعاون والتنمية، لكيما نعمل جميعًا، ونحن أشقاء في نهر النيل الخالد، من أجل جميع هذه الشعوب التي عاشت على أرض افريقيا مئات وآلاف السنين، ونصلي أن ينجح الله كل الجهود الطيبة، الجهود الدبلوماسية والسياسية، حتى لا نلجأ إلى أي جهود أخرى، ونصلي أن يعطي الله حكمة لكل المسئولين في هذا الأمر، فالماء هو عطية إلهية يعطيها الله وأعطاها منذ آلاف السنين، ونهر النيل الذي نعيش على ضفافه وتعيش قبلنا تسع دول (بمجموع ١٠ دول على مجرى نهر النيل)، وهذه الدول كلها تعيش على هذا النهر منذ فجر التاريخ، ولذلك ندعو الجميع، بعيدًا عن التعنت وعن أي عناد، إلى السلام والحل التوافقي الذي يضمن التنمية لكل الشعوب، فنحن جميعًا نريد أن نعيش في حالة من السلام والرخاء والنمو، ودائمًا تعلمنا الحياة أن المعارك لا تأتي بأي ثمر، ونحن نصلي دائمًا من أجل نهر النيل نفسه في كل قداس واثقين أن يد الله تستطيع أن تعمل لأنه ضابط الكل. 

يعطينا الله جميعًا يا أحبائي أن نفرح بهذه القيامة المجيدة في حياتنا، ويدبر أمورنا وأحوالنا، ويحفظ بلادنا وكل أهلها، ويسرني أن أستغل هذه الأيام أيضًا وأهنئ إخوتي في مصر بشهر رمضان الذي قارب على الانتهاء، وباقتراب عيد الفطر المبارك، نصلي أن يجعل الله أعيادنا جميعًا مباركة، فأعيادنا الدينية والوطنية والاجتماعية والقومية هي التي تجمعنا جميعًا، ونحن -كما قلت- نحتفل بعيد القيامة لمدة ٥٠ يومًا، عيد القيامة يوم الأحد، والاثنين التالي له اسمه "اثنين القيامة" أو "Easter Monday" وهو كان عيدًا فرعونيًّا قديمًا سمي بـ"عيد الربيع" وكان تاريخه ثابتًا في ٢١ مارس، وهو اليوم الذي خلق فيه الله الدنيا لذلك يطلق عليه أيضًا "عيد الخلقة"، ولأن ٢١ مارس دائمًا يأتي خلال الصوم الكبير، والصوم ليست فيه مظاهر فرح، نقله الأقدمون في القرون الأولى من تاريخه المعتاد إلى اليوم التالي لعيد القيامة ليكون استمرارًا لعيد القيامة فصار "شم النسيم" وهو الاسم الفرعوني للعيد والذي يعبر عن الحصاد، وصار أيضًا امتدادًا لعيد القيامة وبداية للاحتفال بالخمسين المقدسة. 

يباركنا الله بكل بركة روحية ويجعل أيامكم كلها أعياد، لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد. آمين.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق  
موضوع التعليق  

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx