اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 4913 أغسطس 2021 - 7 مسرى 1737 ش     العدد كـــ PDFالعدد 31-32

اخر عدد

أمومة العذراء

القمص بنيامين المحرقي

13 أغسطس 2021 - 7 مسرى 1737 ش

بولادة العذراء للكلمة المتجسد أصبحت والدة الإله، وصارت أمًا لكل الكنيسة، بكل ما تحمله كلمة أمومة من معنى، لذا قال عنها مار افرام السريانيّ: [كانت مريم بمثابة الأرض الأم التى أنجبت الكنيسة].

أمومة العذراء لكونها حواء الثانية: كما أن حواء كانت «أُم كل حيٍّ» (تك3: 20)، لأن منها وُلد كل بني آدم... فبعصيانها جلبت على الجنس البشريِّ الموت عوض الحياة،  فجاءت القديسة مريم بإيمانها وطاعتها واتضاعها، صارت كما نصلي في ثيؤطوكية الأحد: [خلاص أبينا آدم]، وكذلك [تهليل حواء]، فبولادتها للكلمة المتجسد الذي هو آدم الثاني: «صَارَ آدَمُ الإِنْسَانُ الأَوَّلُ نَفْسًا حَيَّةً وَآدَمُ الأَخِيرُ رُوحًا مُحْيِيًا» (1كو15 :45)، رئيس الحياة، ورأس الخليقة الجديدة؛ صارت أُمًّا لكل الكنيسة أي جماعة المؤمنين المتحدين في جسدٍ واحد، والْمَسِيحَ أَيْضًا رَأْسُ الْكَنِيسَةِ، وَهُوَ مُخَلِّصُ الْجَسَدِ (أف5 :23). قدمت للجنس البشريّ شجرة الحياة ليأكلوا ويحيوا إلى الأبد.

أمومة العذراء تظهر في قانا الجليل: العذراء أمنا جميعًا لأن الأمومة هى المحبة والاهتمام وفي عرس قانا الجليل ظهر اهتمام العذراء وانشغالها باحتياجات أصحاب العرس، وطلبت من ابنها، ولكونها أمه أجاب لشفاعتها رغم قوله: «مَا لِي وَلَكِ يَا امْرَأَةُ؟ لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ»؟ (يو2 :4). كلمة "امرأة" تعبر عن: تفخيم للكرامة لأنّ العذراء القديسة مريم هي حواء الجديدة، وكذلك تحقّقت النبوءة التي قيلت لحواء قديمًا: «وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ، وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ، وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ» (تكوين ١٥:٣). »هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ«، أي أنّ المسيح بآلام الصليب وموته المحي، قيد الشيطان وحطم مملكته، وبقيامته المقدسة، انتصر على الموت وهزمه.

بقول المسيح ليوحنا «هُوَذَا أُمُّكَ»، صارت العذراء مريم أمًا لنا جميعًا: يعلق القديس غريغوريوس النزينزي على اهتمام المسيح إلهنا بأمه، من على الصليب فيقول في قانا الجليل طلبت العذراء عندما نفذ الخمر أن يصنع معجزة، قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «مَا لِي وَلَكِ يَا امْرَأَةُ! لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ» (يو2 :4): [كما لو أنه يوضّح إني قادرٌ على أن أجري المعجزة، لكونها تأتيني من الآب (الذي أنا واحد معه في ذات الجوهر) وليس من أمي. ولكن لكمال ناسوته الذي أخذه من جوهر أمه، فهو قابل للموت، فعندما كان معلقًا على الصليب وقبيل موته، أعلن واعترف بأمه التي أسند أمرها إلى التلميذ الذي كان يحبه] (رسالة10 :39)،  ولأنه «وَمِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ أَخَذَهَا التِّلْمِيذُ إِلَى خَاصَّتِهِ» (يو19 :27)، أصبحت السيدة العذراء أمًا لنا جميعًا، لأن الكلمة المتجسد من أعلى الصليب في الجلجثة، أعطانا أمه أمًا لنا جميعًا.

كيف نصير أبناء للعذراء القديسة مريم؟

1– يقول السيد المسيح: «لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي» (مت12 :50)، لم يكن ذلك تنكُّرًا لأسرته بل توسيعًا لها. فنحن مدعوون لهذه البنوة بأن نفعل إرادة الله في كل شيء. وكما نصلي في لُبش آدام على ثيؤطوكية يوم الإثنين [يا جميع العذارى أحببن الطهارة، لكي تصرن بنات للقديسة مريم]، فحياة العذراء نبراس لحياتنا نقتدي بها في طهارتها وطاعتها وإيمانها، وهي أيضًا التي كانت تحفظ جميع هذا الكلام «مُتفكِّرة به في قلبها» (لو 2: 19).

2– لا بد أن يُتصور المسيح فينا: بقول السيد المسيح للعذراء «يَا امْرَأَةُ هُوَذَا ابْنُكِ» (يو19 :26)، أصبحنا جميعًا أبناء لوالدة الإله مع يوحنا، يقول العلاَّمة أوريجينوس: [مَن أراد أن يصير كيوحنا نفسه، لابد أن يأخذ المسيح نفسه (أي يُتصور فيه المسيح)، لأنه لم يكن عند مريم سوى يسوع، فيسوع يقول لأمه: «يَا امْرَأَةُ هُوَذَا ابْنُكِ»، ولم يقل «ها هو أيضًا ابنك» .. فكل من بلغ الكمال لا يحيا بعد، بل يحيا المسيح فيه]، (أوريجينوس، تفسير إنجيل يوحنا1 :23). فكل من يريد أن يصير ابنًا للعذراء، لابد أن يسير في طريق الكمال.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx