اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 4913 أغسطس 2021 - 7 مسرى 1737 ش     العدد كـــ PDFالعدد 31-32

اخر عدد

أنت هو الآتي أم ننتظر آخَر؟!

القمص يوحنا نصيف كاهن كنيسة السيدة العذراء شيكاغو

13 أغسطس 2021 - 7 مسرى 1737 ش

للقدّيس كيرلس السكندري، تعليق بديع، على الموقف الشهير الذي فيه أرسل القدّيس يوحنا المعمدان اثنين من تلاميذه للسيد المسيح قائلاً: أنت هو الآتي أم ننتظر آخر؟! ويسعدني أن أشارك معكم في هذا المقال بعضَ مقتطفاتٍ من كلماته:

+ ماذا فعلتَ أيّها المعمدان الرائع؟! ألا تعرف ذلك الذي كرزتَ عنه، إذ كنتَ أنت نفسك سابقًا لظهوره، كما تسبِق "نجمة الصبح" وتُعلِن عن "الشمس" الآتية؟ لقد ذهبتَ أمامه مثل مصباحٍ. وأنتَ أشرتَ للرسل القدّيسين عنه بكلّ وضوح «هوذا حمل الله الذي يرفع خطيّة العالم» (يو1: 29).. «وأنا قد رأيتُ وشهدتُ أنّ هذا هو ابن الله» (يو1: 34)، فكيف إذًا تسأل إن كان هو الآتي؟!

+ المعمدان المبارك لم يَفشل في أن يَعرف كلمة الله الذي صار إنسانًا. لا تتصوّروا هذا، فقد كان مقتنعًا تمامًا وبكلّ وضوح أنّه هو الآتي؛ ولكن ما فعله كان أمرًا حكيمًا ومُخطَّطًا جيّدًا، ومناسِبًا بدرجة كبيرة لمنفعة تلاميذه.. وهو إذ كان يَعرف مَن هو ذلك.. ولأنّه يريد أن يُنشئ إيمانًا راسخًا به في قلوب أولئك الذي لا يزالون يعرجون، ولم يكونوا مقتنعين بعد أنّه المسيح، لذلك فإنّه يتّخذ مظهر الجهل، ويُرسِل إليه تلاميذه ليسأله قائلاً "أنت هو الآتي أم ننتظر آخَر؟".

+ إنّه يتّخذ الجهل عن قصد، ليس لكي يتعلّم هو، إذ أنّه كسابقٍ كان قد عرف السرّ، وإنّما لكي يُقنِع تلاميذه بمقدار عظمة المخلِّص ورفعته.. "المعمدان الإلهيّ" إذ قد عرف من الكتاب الموحَى به اسم "الآتي" فإنّه أرسل بعض أصدقائه ليسأل: إن كان هو الآتي؟ والمسيح إذ بالطبيعة والحقّ هو الله لم يُخْفَ عنه غرض يوحنّا المعمدان، وإذ عرف سبب مجيء تلاميذ يوحنا فإنّه بدأ في ذلك الوقت خاصّةً بعمل معجزات إلهيّة أكثر بكثير مِمّا كان قد فعلها قبل ذلك.. وإذ قد صاروا مشاهدين وشهود لعظمته، فقد صار لهم إعجابٌ عظيم بقوّته وإمكانيّاته.

+ أرجو أن تلاحظوا الطريقة الجميلة في معاملة المخلِّص؛ لأنّه لا يقول ببساطة "أنا هو"، رغم أنّه لو قال هذا لكان صحيحًا، ولكنّه بالحريّ يقودهم إلى البرهان المُعطَى عن طريق الأعمال نفسها.. إذ قال لهما الربّ اذهبا وأخبرا يوحنّا بما رأيتما وسمعتما.. ثمّ بعد ذلك أضاف بالضرورة.. طوبي لمَن لا يَعثُر فيّ.. أي طوبي لمَن يؤمن بي.

* ثمّ يقدّم القدّيس كيرلس ملخّصًا لغِنى إيماننا المسيحي:

+ أوّلاً نحن بالحقيقة نحصل (عن طريق الإيمان بالإنجيل) على نور معرفة الله الحقيقيّة. ثم بعد ذلك حينما نغتسل من أوساخ الخطيّة بواسطة المعموديّة المقدّسة، وإذ نتطهّر لكي نخدمه بطهارة، فإنّنا نصير أيضًا شركاء الطبيعة الإلهيّة، ونربحه ليسكن في داخلنا بالحصول على شركة الروح القدس. وأيضًا نصير أبناء الله، ونكتسب لأنفسنا الأُخُوَّة مع ذلك الذي هو الابن بالطبيعة وبالحقّ. وبالإضافة إلى هذه الأشياء فإنّنا نتمجّد ونرتفع إلى ميراث القدّيسين، ونسكُن في غبطةٍ، بالتمتُّع بتلك البركات التي تُمنَح لأولئك الذين يحبّونه، والتي يُعلِن "بولس الإلهيّ" أنّها تفوق الفهم والوصف (1كو2: 9).. نحن نُحسَب مستحقّين لتلك الأمور بنعمة ومحبّة ذاك الذي يعطي لكلّ واحد كلّ الأشياء بسخاء، وأعني به المسيح.

 [عن تفسير إنجيل لوقا للقدّيس كيرلّس السكندري (عظة 37) - إصدار المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائيّة - ترجمة الدكتور نصحي عبد الشهيد]




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx