اسم المستخدم

 

كلمة المرور

 

    
 
بحث
اللغه
select
السة 4910 سبتمبر 2021 - 5 نسئ 1737 ش     العدد كـــ PDFالعدد 35-36

اخر عدد

دروس من الاستشهاد

الأنبا تكلا - اسقف دشنا

10 سبتمبر 2021 - 5 نسئ 1737 ش

إن الاستشهاد كان قمة حياة الشهداء لا بدايتها.. فقد كانت حياتهم مقدسة مملوءة بالفضائل الروحية والتي تكللت في نهايتها باستشهادهم، ونحن نحتفل بعيد النيروز نود أن نتعلم منهم بعض الدروس والتي منها:

(1) حياة التوبة:

عاشوا حياة توبة عميقة، وجاهدوا ضد الخطية حتى الدم، فالتحرر من الخطية هو الذي يعطي الإنسان إمكانية الاستشهاد، أمّا مَن كان مُستعبدًا للخطية فلا يمكنه أن يضحّي بحياته «كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ الْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ» (يو8: 34). الخطية تتحكم فيه وتجعله مرتبطًا بها وبالأرض، وفكره ومشاعره مسلوبة نحوها، فلا يستطيع أن يرتفع لفوق أو ينطلق للسماء. هو مقيد بسلاسل الخطية.

(2) حياة الزهد:

تعلمنا الكنيسة في كل قداس (نهاية الكاثوليكون) قائلة: «لاَ تُحِبُّوا الْعَالَمَ وَلاَ الأَشْيَاءَ الَّتِي فِي الْعَالَمِ، لأن العالم يزول وشهوته معه» (1يو2: 15). ويقول لنا سليمان الحكيم عن تجربته الحياتية وبماذا خرج منها بدروس، لنتعلم أنه باطل الأباطيل الكل باطل وقبض الريح ولا منفعة من تحت الشمس (راجع جا2: 4-11). لذلك فمن لا يتمسك بالعالم وما فيه، من السهل أن يضحي به. أمّا من يتمسك به فلا يستطيع أن يتركه، فالكتاب يقول «لأَنَّهُ حَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكَ هُنَاكَ يَكُونُ قَلْبُكَ أَيْضًا» (مت6: 21)، فإن كان كنزك هنا على الأرض، سيكون أيضًا قلبك ومشاعرك وأفكارك وآمالك وطموحاتك وكفاحك من أجل الحفاظ عليه.. أما إن كان كنزك في السماء، فسيكون قلبك وكل ما فيك مرتبطًا بالسماء.

(3) حياة القناعة:

الإنسان القنوع يرضى بكل شيء وبأي شيء، ويشعر أن السعادة ليست في الممتلكات والمقتنيات بل في الرضا والقناعة، فالمال كما قلت يستطيع أن تشتري به سرير ولكن لا تستطيع أن تشتري به النوم وراحة البال، تشتري به منزلًا أو قصرًا ولكن ليس سلام وهدوء ومحبة وراحة بال... إلخ. الإنسان القنوع هو الإنسان الذي يستطيع أن يضحّي بسهولة بما معه لأنه غير متمسك به ولا يطمع في أكثر منه.

(4) حياة الصبر والاحتمال:

لقد علمنا الرب: «بِصَبْرِكُمُ اقْتَنُوا أَنْفُسَكُمْ» (لو21: 19)، وعلمنا أن «الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَهذَا يَخْلُصُ» (مت24: 13)، لذلك فمن يحيا حياة الصبر والاحتمال يستطيع أن يتقدم إلى الاستشهاد والآلام والمتاعب، يحتمل بلا تذمر وبلا شكوي أو ضجر، بل بشكر وفرح مثل آبائنا الرسل الذين خرجوا من السجن بعد أن جُلدوا «فَرِحِينَ مِنْ أَمَامِ الْمَجْمَعِ، لأَنَّهُمْ حُسِبُوا مُسْتَأْهِلِينَ أَنْ يُهَانُوا مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ» (أع5: 41)... وهكذا عاش كل الشهداء والقديسون يشعرون أن الألم بركة، وأنه طريق المجد كما قال الكتاب: «إِنْ كُنَّا نَتَأَلَّمُ مَعَهُ لِكَيْ نَتَمَجَّدَ أَيْضًا مَعَهُ» (رو8: 17)، «لأَنَّ خِفَّةَ ضِيقَتِنَا الْوَقْتِيَّةَ تُنْشِئُ لَنَا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ ثِقَلَ مَجْدٍ أَبَدِيًّا» (2كو4: 17).. فلا يوجد جلوس عن يمين الآب، ولا قيامة ولا صعود، إلّا بعد الصليب والآلام والموت من أجل الرب. لذلك فقد وضع الآباء السماء والأكاليل المُعدّة لهم فيها أمام أعينهم، واحتملوا كل ألم وكل ضيق حتى ينالوا هذه الأكاليل، وحرصوا ألّا يضيع إكليلهم، فصبروا حتى الموت واحتملوا أقسى أنواع العذابات من أجل الرب حتى النهاية.

ليتنا نتعلم منهم، وننظر إلى نهاية سيرتهم، ونرى فضائلهم وجهادهم وصبرهم، لنحيا هذه الحياة واضعين أمامنا أن الشيطان الذي حرّك الأباطرة والملوك سابقًا، هو نفسه الذي يحرّك الأشرار الآن، ويحاربنا من خلال الأفكار والنظرات والمسامع والمشاعر والأحاسيس.

فلنطلب صلواتهم وشفاعتهم ليعيننا الرب على خلاص نفوسنا، ويعطينا ان نحتمل لأجله لكيما ننال الأكاليل السماوية.

وكل عام وأنتم بخير.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق  
موضوع التعليق  

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx