اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 4910 سبتمبر 2021 - 5 نسئ 1737 ش     العدد كـــ PDFالعدد 35-36

اخر عدد

القمّص لوقا سيداروس وحياة التلمذة

10 سبتمبر 2021 - 5 نسئ 1737 ش

احتفلنا يوم 26 أغسطس الماضي بالتذكار الأول لانتقال أبينا الحبيب القمّص لوقا سيداروس إلى الأخدار السمائيّة.. ومن بستان فضائله، فكّرت أن أُلقِي بعضَ الضوء على منهج التلمذة في حياته.. فقد تزيَّن أبونا لوقا بروح التلمذة، وأيضًا بأسلوبه الفريد في تلمذة الآخرين..

منذ بكور شبابه، وبعد لقائه بقدس أبينا المتنيّح القمّص بيشوي كامل في صيف 1964م، بدأ أبونا لوقا في رحلة تلمذة جميلة، شملت علاقة قويّة صادقة مع الكتاب المقدّس، ومع أبينا بيشوي..

في علاقته بالكتاب المقدّس، أحبّ أبونا لوقا الخلوة والقراءة الهادئة، مع الصلوات الطويلة في المخدع.. ثمّ بدأ يدخل للعمق، ويدوّن بعضًا من التأملات، والتي نمَت بمرور الوقت، فصارت كتيّبات وكتبًا عميقة وغنيّة جدًّا، نابعة من عُمق الخبرة الروحيّة مع الله، ومع شخصيّات الكتاب المقدّس بعهديه.. وصار كالكاتب الماهر الذي وصفه السيّد المسيح بأنّه كاتب متعلِّم يُخرِج من كنزه جُدُدًا وعُتقاء (مت13: 52).

كما أحبّ أبونا لوقا كتابات آباء الكنيسة الأوائل، وكان ينهل منها بقدر المُستطاع.. وقد ساهمَت سِيَر وأقوال الآباء النُسّاك في منهج الزهد والتقوى والانضباط والخشوع الذي ظهر جليًّا في حياته.

كانت تلمذته لقدس أبينا بيشوي كامل، ملحوظة للجميع، فقد كان يرى فيه صورة المسيح بوضوح، فتعلّق به جدًّا، وتأثَّر بأسلوبه الروحاني العملي البسيط.. وعندما نمَت المحبّة والصداقة بينهما، صارت بينهما الكثير من الملامح المشترَكة، بل صارا يتبادلان التعلُّم من بعضهما البعض..!

أيضًا عن طريق أبينا بيشوي، تعرّف أبونا لوقا على القمص متّى المسكين، وأحبّ التلمذة له، ولإنتاجه الروحي والفكري الغزير، فكان يقرأ كتاباته بشغف، ويذهب للقائه مرارًا، جالسًا معه على مائدة الإنجيل لساعات طويلة..

كمّا تتلمذ أبونا لوقا على قداسة البابا كيرلّس السادس، الذي رسمه كاهنًا عام 1967م.. ومن خلال تلك التلمذة أحبّ الطقوس والليتورجيّات، ومدّ جذورًا عميقة فيها..!

من ناحيةٍ أخرى، تَمَيّزَ أبونا لوقا بقوّة الملاحظة، فكان يلتقط الفضائل في كلّ الناس، على اختلاف أنواعهم وأعمارهم.. وأحيانًا يسأل ويتحرّى لكي يعرِف المزيد من خبرات الأبرار.. فيتعلّم منها، وينقلها في عظاته.. وقد سجّل الكثير منها في سلسلة كتب جميلة بعنوان: "رائحة المسيح في حياة أبرار معاصرين"..

أمّا عن أسلوبه في تلمذة الآخرين، فقد كان فريدًا من نوعه.. خاصّةً أنّه لم يكن يهتمّ بالأعداد الكبيرة ولا بالأنشطة ولا بالبرامج.. ولا بابتكار أساليب جديدة لجذب الناس إليه أو للكنيسة..!

كان تركيزه الأوّل على حياته الروحيّة؛ في علاقة حقيقيّة بالمسيح، للامتلاء من النعمة، والحياة بالروح.. وبعد ذلك كان منهجه أن يُتَلمِذ بالقدوة، والإرشاد الهادئ في سِرّ الاعتراف، وفي الافتقاد..

كان كمَثَلِ إنسانٍ يُرَكِّز تمامًا في نبش آبار المياه الحيّة في الأسفار المقدّسة، وفي طقوس الكنيسة، بروح الصلاة الخاشِعة.. وعندما يراه البعض منحنيًا ينبش الآبار، يقتربون منه ويَرتوون من هذه المياه العذبة.. ثمّ بعد قليل، بعد أن يستمتعوا بطعم الحبّ الإلهي، ينحنون معه للصلاة، ويتعلّمون نبش الآبار والامتلاء بالروح مثله..!

لذلك كان انسكابه في القدّاسات وكلّ الصلوات الليتورجيّة، مع كلمات الوعظ التي من قلب الإنجيل، هي منهجه الرئيسي في تلمذة الكثيرين، الذين التفوّا حوله، وأحبّوا المسيح من خلاله، وصاروا أغصانًا مثمرة في الكنيسة المقدّسة..

بركة صلاته تكون معنا. آمين.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx