اسم المستخدم

 

كلمة المرور

 

    
 
بحث
اللغه
select
السة 5028 يناير 2022 - 20 طوبه 1738 ش     العدد كـــ PDFالعدد 3-4

اخر عدد

مدرسة الرهبنة

قداسة البابا تواضروس الثانى

28 يناير 2022 - 20 طوبه 1738 ش

الرهبنة والحياة الديرية مدرسة عظيمة تكونت عبر الأجيال منذ القرون الأولى لنشأة هذه الحياة في براري مصر.

ولهذه المدرسة مناهج ومعالم وأخبار وقصص وسِيَر وحكم وأقوال واختبارات عميقة ومذهلة ومتجددة وفعالة، واكتسبت قدرتها وفعلها عبر الزمن، وصار لها جذور وأصول شكّلت في مجملها فلسفة إنسانية راقية وروحانية مسيحية عالية.

والواقع أن البشر ضعفاء مُستعبَدون لتفاهات هذا العصر الكثيرة، فإنسان اليوم يقيس تقدمه بما يملك: بسيارته، بمنزله، بأثاث بيته، بملابسه، بمقتنياته، بأمواله وحساباته... ويرى أنه قد بلغ الكمال لمجرد أن عنده أحدث كمبيوتر وبريد إلكتروني وصفحه على مواقع التواصل الاجتماعي... وغير ذلك... وتكون النتيجة لكل هذا أن يعجز عن رؤية حقيقيه وتشخيص ضعفاته التي تحصره في نطاق الترابيات وتبعده عن السمائيات... وكما نصلي في الأجبية ونقول: "إن العمر المنقضي في الملاهي يستوجب الدينونة" (صلاه النوم - القطعة الأولى).

ورغم التقدم الاقتصادي والاجتماعي والعلمي في مسيرة البشر، إلّا أن الصراعات والنزاعات والعنف والجريمة والإدمان والتفكك ما زالت قائمة وتزداد حدة، وكأن الانسان يفقد صوابه رويدًا رويدًا.

ولذلك صارت الرهبنة مرآة لحقيقه الوجود الإنساني لأنها باختصار هي «الحياة بحسب الإنجيل» (فيلبي1: 27)، والانجيل هو: «كلمه الله الحيّة والفعّالة والأمضى من كل سيف ذي حدين، والخارقة إلى مفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ، والمُميِّزة أفكار القلب ونيّاته» (العبرانيين 4: 12)، ومن هنا -من الإنجيل- اكتسبت الرهبنة لمعناها وعمقها وجاذبيتها حيث تكونت الجماعات الرهبانية الأولى في البراري المصرية الشرقية والغربية والجنوبية تحت إرشاد الآباء المؤسسين لهذه الحياة أمثال أنطونيوس الكبير ومكاريوس الكبير وباخوميوس الكبير وغيرهم الكثيرون، ومن جيل إلى جيل، وامتدت هذه الحياة الصادقة إنسانيًا من مصر إلى ربوع العالم، ويكاد لا توجد بلد بلا دير أو رهبان أو راهبات. شاعت المدرسة الرهبانية بالصلاة والعبادة والخدمة تقدم نموذجًا رفيعًا للإنسان الذي يعطي أشواقه وعشقه للمسيح يسوع، الذي سبق وأعطانا هذا الحب الإلهي المتدفق على خشبة الصليب نحو كل البشر قائلًا: «تعالوا إليّ يا جميع المُتعَبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم فتجدوا راحة لنفوسكم» (متى 11: 28).

والحياة بحسب الإنجيل ليست قصرًا على الرهبان، وإنما كل مسيحي مدعو أن يعيش بمقتضى الإنجيل، وتصير الرهبنة نموذجًا متقدمًا لهذه الحياة والتي تُعتبر تذوُّق مسبق لملكوت الله، بمعنى أن الراهب الحقيقي يعيش الأبدية في قلب الزمن، ولا يرى أمامه ألّا السماء والنصيب السماوي، ولا ينشغل بالأرضيات التي يتوه فيها ويفقد طريقه ومسيرته ودوره الحقيقي الذي صار من أجله راهبًا أو راهبة.

ورغم أن هناك -وفي كل زمان- قلّة من الرهبان يكتفوا بالشكل دون الجوهر، إلّا أن الغالبية يعيشون هذه الحياة الرهبانية بكل فرح ومسرة، في جهاد روحي عميق والتزام رهباني أصيل، ناظرين فقط إلى رئيس الإيمان ومُكمِّله ربنا يسوع المسيح. وأود في هذه المقال أن أذكر بعض أقوال من اختبارات الحياة الرهبانية وجمالها:

مخافة الله

+ السراج المضاء يبدد العتمة، أمّا مخافة الله فتبدد ظلمة القلب البشري وتعلمه الوصايا الإلهية.

+ سأل شاب أحد الشيوخ: كيف تستطيع النفس أن تقتني مخافة الله؟ فأجابه الشيخ: ثَمّة طريقان يقودان النفس إلى مخافة الله: التواضع واللا قنية.

+ نصح شيخ تلميذه: لا تألف نقد أخيك على أعماله، بل بادر إلى نقد نفسك... وبهذا تولد مخافة الله فيك.

حياه الغربة

+ الغربة الحقيقية هي أن يعرف المرء كيف يضبط لسانه حيثما حلَّ.

+ إن من يخطئ في حياته عليه أن يفصل نفسه عن الناس، إلى أن تتم مصالحته مع الله، وذلك لأن الاتصال الدائم بالناس من شأنه أن يعرقل الاتصال بالله.

+ إن لم تروّض نفسك على الصمت اولًا، فحتى ولو ذهبت الى آخر بقاع الأرض لا يمكنك ان تبلغ الغربة.

حياه الطهارة

+ اشتكي أحد الإخوة لأبيه الروحي: أوشكت ان أموت بسبب أفكار الدنس...! فقال له الشيخ: تعلّم من الأمهات اللاتي يضعن المُرّ على صدورهن عندما يفطمن أولادهن فيرفض الطفل الرضاعة، هكذا أنت اجعل في ذهنك ذكر الموت والعذاب الأبدي فتنفطم عن الأفكار الدنسة.

+ يستحيل أن يصبح الإنسان عديم الهوى طلبًا للطهارة، ألّا إذا سكن الله في داخله.

+ ينبغي أن نكبح جماح الغضب بطول الأناة، أمّا شهوة الجسد فنجفّفها بالتعب الجسدي وبالصوم المغبوط.

اليقظة والتمييز

+ لا تدع ضميرك يلومك ويعاتبك في أي شيء.

+ إن كنا لا ندرس فنحن لن نتقدم في الفضائل.

+ سأل الأب موسى أباه الروحي: هل يستطيع الإنسان أن يبدأ كل يوم جديد؟ فأجابه الشيخ: إن كان هذا الانسان محبًا للفضيلة، ليس فقط كل يوم، بل كل لحظة أيضًا يمكنه أن يبدأ من جديد.

بمناسبه تذكار نياحة الأنبا انطونيوس أب جميع الرهبان (22 طوبه-30 يناير).

كل سنة وأديرتنا ورهباننا وراهباتنا بخير وفرح وسلام.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق  
موضوع التعليق  

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx