اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 5028 يناير 2022 - 20 طوبه 1738 ش     العدد كـــ PDFالعدد 3-4

اخر عدد

عظة قداس عيد الغطاس المجيد من الكاتدرائية المرقسية بالإسكندرية

قداسة البابا تواضروس الثانى

28 يناير 2022 - 20 طوبه 1738 ش

أهنئكم أيها الأحباء بعيد الغطاس المجيد أحد الأعياد السيدية الكبرى والذي نحتفل به في هذا التاريخ الثابت في كل عام في يوم 11 طوبه الذي وافق 19 يناير من كل عام. أهنئكم جميعًا أيها الأحباء وأهنئ كل الأقباط في كنائسنا في مصر وفي خارج مصر.

أهنئكم جميعًا بهذا العيد الذي نحتفل به سنويًا ونتذكر فيه معمودياتنا، هذا السر الكنسي الذي يكون أول الأسرار، والذي ننال به نعمة الولادة الجديدة من الماء والروح. وعيد الغطاس أو مثلما نسميه عيد العماد أو عيد الظهور الإلهي وهذه كلها أسماء جميلة، وعندما نقف أمام القديس يوحنا المعمدان هو القديس الذي نتقابل معه في بدايات الكتاب المقدس في العهد الجديد، ويمكن أن نعتبر كأنه يصل ما بين العهد القديم والعهد الجديد، والقديس يوحنا المعمدان له ألقاب كثيرة، ومن هذه الألقاب أود أن أقف معكم أمام خمسة ألقاب يمكن أن نطلقها ونسميها للقديس يوحنا المعمدان ونأخذها بمثابة دروس روحية لنا كلها:

(1) ابن الإيمان والصلاة:

أبوه زكريا الكاهن وأمه أليصابات، أسره بارة مباركة، ولكن الله لم يشأ لهما بنسل فلم يكن لهما سبيل إلا الصلاة بإيمان، وإيمانهما حولوه إلى صلاة، وظلت الصلوات ترتفع والوقت يمرّ وليس من مجيب، وكأن صلواتهما تضيع في الهواء، وكانا يتقدمان في أيامهما ويرفعان صلوات ويصليان في الهيكل، ولكن الله له مواقيت لكل شيء تحت السماء، مع الإيمان مع الصلوات المرفوعة باستمرار يستجيب الله أمام زكريا في الهيكل، وصار لا يتكلم لأنه لم يصدق بشارة الملاك له وأليصابات أيضًا، ولكن الله في الوقت المناسب أنعم عليهما بيوحنا المعمدان. أريدكم أن تعرفوا أن الصلاة بإيمان ممكن أن تهز الجبال، والصلاة هي الفعل الروحي الذي تستطيع أن تفعله في أي وقت وفي أي زمان وفي أي مكان، بل أقول لك إنك تستطيع أن تصلي حتى الصلاة الصامتة، صلاة في قلبك حتى وسط الناس، لكن المهم أن الصلاة ترتكز على قاعدة إيمان، واحذر من فكرة أن الصلاة غير مجدية، لأن الله يستمع إليك على الدوام وأذناه الله مفتوحتان لكل أحد، فبمجرد أن تقف لتصلي وتعبّر عن مشاعرك بإيمان قوي، سوف يستجيب الله في الوقت المناسب بطريقة مناسبة، فيجب أن يكون عندنا ثقة وإيمان أن الله يستجيب والله يعطي والله ما زال يصنع المعجزات، وربما تذكار عيد الغطاس وتذكار يوحنا المعمدان في ثاني يوم في شهر توت، هو تذكير لكل أحد منا بأن صلواتنا لا تذهب هباء لكنها تجد أذن الله، ولكن الله لأنه ضابط الكل فهو يستجيب بالصورة التي يراها.

(2) السابق:

هو الذي سبق ميلاد السيد المسيح بستة أشهر، فأحيانًا يستخدم الله الإنسان لكي يعد الطريق لآخر، أحيانًا الإنسان يكون له وظيفة معينة، والإنسان الشاطر هو الذي يقبل هذه الوظيفة وهذه المسئولية، ويوحنا المعمدان يقول هذه العبارة الخطيرة «ينبغي أن هذا يزيد وأنا أنقص»، فكان يعرف دوره ومسئوليته بوضوح أنه السابق. سبق السيد المسيح وأعد الطريق أمامه، وكان يشهد ويحرك نفوس الناس ويقول لهم: «توبوا لأنه قد اقترب منكم ملكوت السموات»، اغسلوا خطاياكم في نهر الأردن، وكانت الجموع تأتي إليه. وكانت له مهابة؛ رجل يعيش في البرية، وطعامه غريب، وملابسه بسيطة، وكلامه وأحاديثه قليلة جدًا، لكن كان له وظيفة محددة وقد نجح في هذه الوظيفة وتممها. قد تكون أنت سابقًا لإنسان، قد تكون أنت مسئوليتك في الحياة أن تعد لآخر، ونحن كآباء وأمهات أيضًا هذه المسئولية عندنا كثيرًا، كل أب وكل أم يهمهما تربية ابنهما أو بنتهما وهذه وظيفة الآباء والأمهات وهي وظيفة جميلة، أنك تعد ابنك، والوظيفة تكون أجمل عندما يشهد هذا الابن لك يومًا.

(3) الصابغ أو المعمدان:

كان يوحنا المعمدان هو الصابغ لان كلمة معمودية في أصلها اليوناني تعني صبغة، وصبغة الثوب لا تكون إلّا من خلال تغطيس الثوب كله في الصبغة حتى آخره، وبهذا يأخذ اللون الذي نريده. كان هو الصابغ، وعندما أتى له المسيح في وسط الجموع استعفى بوحنا، فقال له المسيح بكل رقّة: «اسمح الآن، ينبغي أن نكمل كل بر»، فلم يجادل ولا تفلسف، بل عمّد السيد المسيح، وسمع الحاضرون صوت الآب: «هذا هو ابني الحبيب الذي به سُررت»، ورأوا الروح القدس نازلًا في شكل حمامة. في كنيستنا وفي تقليدنا الأرثوذكسي نعمّد الطفل حتى لو عمره يوم واحد (إذا كان عنده ظروف صحية أو خطر)، ونعمد بالتغطيس في الماء كما يقول الكتاب: «مدفونين معه بالمعمودية...»، ونعمد باسم الآب والابن والروح القدس، فيولد الطفل ولادة جديدة من الماء والروح، ثم نرشمه بالميرون 36 رشمًا في كل مفاصل الجسم من أول الرأس حتى القدمين، وهكذا يصير الطفل مولودًا ومصبوغًا بالروح والماء، وتفتح له المعمودية الباب إلى السماء، فيتناول من الأسرار المقدسة. يتبقى أن يحافظ الإنسان على الطريق للأبدية، في البداية تحت رعاية أبويه كأشابين يسلمونه الإيمان، وهذه مسؤولية الوالدين، فلا يجب تأخير المعمودية لأن من خلالها يُزرع الإنسان في جسد المسيح ويصير عضوًا يافعًا في كنيسة المسيح.

(4) الشهيد:

يوحنا المعمدان انتهت حياته بالشهادة، ويوحنا المعمدان اُستُشهد لأنه نطق بكلمة الحق، وكلكم تعرفون القصة وكيف وبّخ الملك أن لا يحل له أن يأخذ امرأة أخيه الحي، فقبض عليه الملك ثم قطع رأسه وظن أن بهذا يُسكت الصوت، ولكن هذا الصوت ظل يتردّد في الأذهان "لا يحل لك"، وصارت قصه يوحنا المعمدان الشهيد أقوى مئات المرات من قصه الملك الذي حكم عليه بقطع الرأس، وصار هو الشهيد يشفع فينا ونضعه في الهيتنيات في البداية بعد أمنا العذراء. يوحنا المعمدان شهيد من أجل الحق، وشهادة الحق تعني أن الإنسان يعيش في أمانة، وأريج أن أقول لكم إن في هذا الزمان صار الحق يتوارى، وهناك أشياء كثيرة غير الحق.

(5) أعظم مواليد النساء:

وهذا يجيب على سؤال مهم هو: لماذا تأخر الله في الاستجابة لزكريا وأليصابات؟ لم ينل أحد هذا اللقب لا من قبل ولا من بعد، والكتاب قرّره بفم السيد المسيح. صار يوحنا نجمًا في السماء، شخصية قوية، عاش في البرية ناسكًا، وعاش في مجتمعه ناطقًا بالحق، وعاش نموذجًا يعرف حدود عمله بالضبط لا يتخطاه، وهذا يا إخوتي في حد ذاته درس مهم جدً، فطوبى للإنسان الذي يعرف حدود هو مسئولياته. أعظم مواليد النساء هو الذي نحتفل به في هذه الليلة.

هذا هو عيد الغطاس الذي نفرح به في كل عام، ونصلي من أجل بلادنا وكنيستنا وكل شعب مصر الكريم، ونصلي من أجل سلام العالم، سلام كل بلد، كل صراع، فما زال الشيطان يعمل والعالم قد وُضِع في الشرير. يعطينا المسيح سلامًا دائمًا في حياتنا، ونفرح من خلال عيد الغطاس.

حافظ على طريقك وتمتع بأنك وُلدت من الماء والروح، وصرت ابن السماء، وإن حافظت على طريقك تصل السماء.. انتبه. ربنا يحفظكم دائمًا ويبارككم.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx