اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 5025 فبراير 2022 - 18 أمشير 1738 ش     العدد كـــ PDFالعدد 7-8

اخر عدد

نصف صداقة ونصف زواج!!

قداسة البابا تواضروس الثانى

25 فبراير 2022 - 18 أمشير 1738 ش

خلق الله الإنسان على غير فساد. خلقه على صورته ومثاله وأعطاه الكثير من النعم، ومن بينها "نعمة الصداقة" التي هي قمة العلاقات الإنسانية غير الرسمية، والتي لا يدخل فيها العامل الجنسي، وبالتالي لا تُسجَّل في أيّة أوراق رسمية.

وأعطاه أيضًا "نعمة الزواج" وهي قمّة العلاقات الإنسانية الرسمية، حيث يدخل فيها العامل الجنسي، وبالتالي تُسجَّل في عقود رسمية، وينشأ عنها آثار وأنساب وأجيال.

وإذا كانت الصداقة هي "كيان الحب الاجتماعي"، فإن الزواج يكون "كيان الحب الاندماجي" حيث يصير الاثنان –الرجل والمرأة– جسدًا زيجيًا واحدًا (تك2: 24) لتعمير الأرض حسب الأمر الإلهي (تك1: 28).

وإذا كانت الصداقة تنشأ في أيّة سن من الطفولة إلى المراهقة إلى الشباب مرورًا بالنضوج النفسي والوجداني، وتستمر زمنًا قصيرًا أو طويلًا، ويمكن أن تنقطع لأسباب مثل السفر أو الغربة ولكنها تعود وتتجدّد وربما أقوى، وكلنا نتذكر أصدقاء الدراسة الجامعية وكيف تدوم صداقتهم ربما طول العمر...

أما الزواج الناجح فيحتاج إلى النضوج النفسي والفكري والوجداني، فضلًا عن النضوج الجسدي والاجتماعي والروحي. والمفترض أن تستمر هذه العلاقة الزيجية إلى نهاية العمر، إلّا إذا تشوّشت بالخطية وتصدّعت بأفعال الخيانة وتحطمت بغير رجعة.

وثمة ملاحظة هامة في تطور نضوج الإنسان عندما يصل إلى سنوات المراهقة، حيث تنشأ عنده أو عندها مشاعر الجنسية الغيرية العامة، حيث تظهر الميول الجنسية نحو الجنس الآخر، وتبدأ العاطفة في الشعور بالانجذاب نحو أي فرد من الجنس الآخر دون تحديد شخص بعينه، وهذه الميول تظهر مع مظاهر المراهقة الأخرى سواء الجسدية أو النفسية أو الوجدانية، وهي علامات على طريق النضوج الروحي والنفسي.

وقد تكون هذه المظاهر هادئة أو هائجة أو حتى جامحة لأسباب متنوعة سواء اجتماعية أو بيئية أو أسرية.

ومع سنوات العشرينات تقلّ مشاعر الجنسية الغيرية "العامة" تدريجيًا، وتحلّ محلها مشاعر الجنسية الغيرية "الخاصة"، حيث تتجه ميول الإنسان نحو شخص بعينه من الجنس الآخر، وتظهر بوادر الاهتمام والشغف ثم التعلّق والحب تمهيدًا لتكوين أسرة من شاب وشابة لهما النضوج النفسي الكافي لبدء علاقة زواجية ناجحة ودائمة. ويصير مخزون العاطفة الذي تكون منذ سنوات المراهقة الأولى وحتى تمام الزيجة هو الضامن لحياة أسرية دافئة، حيث مرّت هذه السنوات في نقاوة وطهارة بالسلوك الحسن دون سقطات أو انحرافات، ودون أن تتسرّب العاطفة الممنوحة من الله في ضعفات وعلاقات بأيّة صورة وتحت أي مسمّى. وبصورة أخرى يكون القلب الممتلئ بالعاطفة النقية هو الهدية الثمينة التي يقدمها كل شريك لشريكه يوم الزفاف، لبدء حياة أسرة مباركة تعيش وتصمد أمام أمواج الحياة، ويغدق الله نعمه الكثيرة عليها في الصحة والإنجاب والعمل والبركة والستر.

ما سبق هو التطور الطبيعي لنشأة الإنسان منذ أن وُجِد على الأرض، ولكن الإنسان -الذي سبق وكسر الوصية- اختار التمرد على الله الخالق، فقام بتشويش خلقته، وقاده عقله الفاسد إلى اختراع يتحدى به النظام الذي أراده الله للإنسان.

لقد اخترع أمرًا مأسويًا حيث أخلّ بما وضعه الله وقرّره، فجعل علاقة بين اثنين من نفس الجنس ولكن مع وجود علاقات جنسية، وبذلك خلط جزءًا من مفهوم الصداقة مع جزء من مفهوم الزواج في تشويه مُتعمَّد للوجود الإنساني الصحيح، وصار كيانًا ممسوخًا يتباهى به للعجب!!

+ الصداقة: بين اثنين من نفس الجنس / بدون الجنس / تنتج أحباء وفرحًا.

+ الزواج: بين رجل وامرأة / فيه الجنس / ينتج أبناء وأفراحًا.

+ المثلية: بين اثنين من نفس الجنس / فيها الجنس / لا تنتج شيئًا.

وسُمِّيت "نصف الصداقة ونصف الزواج" بالجنسية المثلية، وتبنّى البعض هذه العلاقة الشاذة تحت عنوان الحرية! وصار يعزوها تارة إلى الجينات والوراثة، وتارة إلى التربية والنشأة، وتارة إلى الله نفسه وحاشا! ويؤكد الكتاب المقدس على غضب الله المُعلَن من السماء على جميع فجور الناس وإثمهم (رومية 1: 18)، هؤلاء المستهينين بالله ومتمادين في خطاياهم، إذ عندما استبدل الإنسان الله بالأصنام -وهي آلهة كاذبة غير حقيقية- أسلمه الله إلى النجاسة، بمعنى أنه ترك الأشرار يفعلون الشر بإرادتهم من زنا وشذوذ أهانوا بها أجسادهم الطاهرة، ونسوا أنهم مخلوقون على صورة الله ومثاله، وسقطوا في ممارسات جنسية خاطئة، سواء أنثى مع أنثى مثلها، أو رجلًا مع آخر مثله.

لقد خُلِقت الطبيعة الإنسانية صالحة، ووضع فيها الله الاتحاد الجنسي بين رجل وامرأة في تكاملية سامية بالحب والجمال ليخلق الحياة ويعمّر الأرض راعيًا لهما: «أثمروا وأكثروا واملأوا الأرض...» (تك1: 28)، فالله لم يخلق الإنسان "مثلي الجنس"، بل خلقه على الجنسية الغيرية رجالًا ونساءً، ليعيشوا تكامل الحياة في إطار الزواج وحياة المحبة والشركة نفسًا وجسدًا وروحًا وعاطفةً واتحادًا مقدسًا.

في فاتحة رسالة رومية رسم بولس الرسول صورة ناطقة للمسار المنحدر للخطية، يبدأ برفض الناس لله، ثم يضعون تصورات خاصة بهم تمضي إلى السقوط في الخطية، خطية الجنس والطمع والكراهية والحسد والكذب، ويصبحون كارهين لله، ويستمرون في الانحدار بزعم الحرية والاستقلال عن الله حتى يصيروا عبيدًا لهذه الاختيارات المتمردة، وينسوا أنه ليس هناك عبودية أشر من العبودية للخطية. إن هذه الخطية الشنيعة هي التي أغضبت الله بشدة من أهل سدوم حتى أحرقها الله بالنار، وهي الخطية التي حرّمها الله تحريمًا تامًا منذ القديم (لاويين 18: 22)، وتمادى الإنسان في تصديق الأكاذيب التي تعزّز ذاته ناسيًا الله، واتبع فلسفات ومزاعم ونشرها عبر العالم بكل وسيلة ممكنة، حتى صار يصدق نفسه في خطاياه وأفعاله بعيدًا عن الحق الذي في الكتاب المقدس والذي هو المعيار الوحيد للحق والذي على أساسه نفحص كل ما يصنعه الإنسان من أفكار ذاته.

وللأسف -كما هو ظاهر في بلاد كثيرة في العالم- بعد ما عرف الأشرار غضب الله وعقابه بالهلاك لهم، لم يتوبوا، بل تحدوه بتشجيع غيرهم على الخطية مثلما يحدث الآن بتقديم الأفلام المثيرة، وتحريض بعضهم البعض على العلاقات الخاطئة والحرية الجنسية باعتبارها إثباتًا لرجولتهم أو أنوثتهم، بل وسنّ القوانين التي تبيح هذه الخطايا في بعض المجتمعات والكنائس الغربية التي انحرفت وانجرفت بإغراءات الشيطان.. انتبه يا صديقي.

تدريب: اقرأ وادرس الأصحاح الأول من رسالة رومية، واستعن ببعض كتب التفسير لتعرف وتنجو من فكر الخطية وفعلها؛ والرب معك.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx