اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 5025 فبراير 2022 - 18 أمشير 1738 ش     العدد كـــ PDFالعدد 7-8

اخر عدد

أحد الكنوز

الأنبا تكلا - اسقف دشنا

25 فبراير 2022 - 18 أمشير 1738 ش

عن هذه الكنوز قال مار إسحق: "إن الذين ارتضوا أن يعيشوا مع المسيح بمخافة الله يتحملون الضيقات، ويصبرون على الاضطهادات (بمعونة الله) فينالون الكنوز السماوية".

جميل أن يضع الإنسان هدفه أمامه دائمًا في كل عمل وفي كل مشروع، ولذلك تضع لنا الكنيسة في أول أحد من آحاد الصوم الهدف من الصوم، بل من الحياة الروحية كلها وهو "الملكوت"، منادية لنا في نهاية الإنجيل «اطلبوا أولًا ملكوت الله»، ولكن كيف نصل إليه؟

يوضح لنا إنجيل أحد الكنوز الخطوات:

1– الخطوة الأولى:

أن نكنز لأنفسنا كنوزًا في السماء لا على الأرض، ويعنى هذا أن نخزن كل ما نستطيع أن نخزنه من أفضل الصلوات والأصوام والخدمة والقراءات ومحبة الآخرين.

ومن كنوز السماء:

‌أ- الصلاح: فيقول الرب «الإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنَ الْكَنْزِ الصَّالِحِ فِي الْقَلْب يُخْرِجُ الصَّالِحَاتِ» (مت12: 35)، وندعو الروح القدس في الساعة الثالثة بـ"كنز الصالحات" متوسلين إليه أن يطهّرنا من كل دنس.

‌ب- مخافة الله: «فَيَكُونُ أَمَانُ أَوْقَاتِكَ وَفْرَةَ خَلاَصٍ وَحِكْمَةٍ وَمَعْرِفَةٍ. مَخَافَةُ الرَّبِّ هِيَ كَنْزُهُ» (إش33: 6)، ومخافة الله تعني أن يكون عند الإنسان هيبه وتقدير لله ورؤيته في كل مكان، وطاعة في كل وصاياه.

‌ج- الحكمة: قيل عن السيد المسيح «الْمُذَّخَرِ فِيهِ جَمِيعُ كُنُوزِ الْحِكْمَةِ وَالْعِلْمِ» (كو2: 3)، والحكمة هي جودة التفكير ودقة التعبير وسلامة التدبير.

‌د- العطاء: قال السيد المسيح للشاب الغني «إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلًا فَاذْهَبْ وَبعْ أَمْلاَكَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ...» (مت19: 21).

والواضح هنا أنه ليس مطلوبًا أن نخزن أي شيء، فالكنز هو أثمن ما يقتنيه الإنسان، لذلك فالمطلوب لا أن تصلّي فقط، ولكن تصلّي صلاة عميقة روحانية باستخدام كل الحواس، وهكذا في باقي الفضائل..

وفى نهاية النقطة الأولى يوضح الإنجيل أنه إن كان كنزك في السماء فسيكون قلبك أيضًا في السماء، لأنه «حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضًا».

ويقارن بين كنز الأرض وكنز السماء.. فكنز الأرض يجعلك متعلقًا بها ويُعرِّضك للسرقة والتلف. إمّا ستتركه أو سيتركك، ولكن كنز السماء يجعلك متعلقًا بالسماء، وهناك لا يكون سارقون ولا تلف.. ولذلك سُمِّي هذا الأحد "أحد الكنوز".

2– الخطوة الثانية:

بعد الاهتمام بالإيجابيات، الحذر من السلبيات.. فالعين هي باب العقل الذي يدخل منه كل معرفة سواء إيجابية أو سلبية، بالقراءة والرؤية، لذلك فإن كانت عينك نقية سيكون عقلك نقيًا، وبالتالي جسدك كله..

والعكس صحيح.. إن كانت عينك شريرة سيكون عقلك شريرًا، وهذا يلوّث جسدك كله.. لذلك اهتم بعينك وبما تراه وتقرأه، فإن تحكمت في المدخل تحكمت في الجسم كله.. ثم يوضح أن العين هي سراج الجسد، فهي التي تنير للجسد وبدونها يحيا الإنسان في ظلام.. ولكن إن كان هذا السراج مُطفأً (مظلم.. شرير) فالجسد كله سيكون أكثر ظلامًا.

3– الخطوة الثالثة:

هي الاستقامة في العبادة وعدم التعريج بين فرقتين أو بين ربين، الله والمال، فإن كنت حقًا تعبد الله فلا تعبد غيره.. ولكن إن أردت أن تعبد الاثنين فلن تستطيع ذلك لأنك إما أن تحب الواحد وتبغض الآخر، أو تقبل الواحد وتبغض الآخر.

وما يُقال على المال يُقال على الشهوات عمومًا والعادات الرديئة..

المال ليس شرًا في حد ذاته، إنما هو نعمة وبركة وعطية من الله لنستثمرها لمجد اسمه، ولكن لابد أن نجعله خادمًا لا سيدًا، حيث أنه يُمكن أن يصير المال سيدًا إن:

‌أ- اهتممنا به وبجمعه فلا يتوافر وقت لعمل روحي بل يكون الانشغال كله به.

‌ب- محبته تجعلنا نضل عن الإيمان ونستخدم وسائل لا ترضي الله «لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ، الَّذِي إِذِ ابْتَغَاهُ قَوْمٌ ضَلُّوا عَنِ الإِيمَانِ، وَطَعَنُوا أَنْفُسَهُمْ بِأَوْجَاعٍ كَثِيرَةٍ» (1تي6: 10).

‌ج- الإتكال عليه «فَأَجَابَ يَسُوعُ أَيْضًا وَقَالَ لَهُمْ: يَا بَنِيَّ، مَا أَعْسَرَ دُخُولَ الْمُتَّكِلِينَ عَلَى الأَمْوَالِ إِلَى مَلَكُوتِ اللهِ!» (مر10: 24).

‌د- التكبر بسببه «وَالْمَزْرُوعُ بَيْنَ الشَّوْكِ هُوَ الَّذِي يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ، وَهَمُّ هذَا الْعَالَمِ وَغُرُورُ الْغِنَى يَخْنُقَانِ الْكَلِمَةَ فَيَصِيرُ بِلاَ ثَمَرٍ» (مت13: 22).

‌ه- الطمع وعدم الاكتفاء (عبادة الأوثان): «فَأَمِيتُوا أَعْضَاءَكُمُ الَّتِي عَلَى الأَرْضِ... الطَّمَعَ الَّذِي هُوَ عِبَادَةُ الأَوْثَانِ» (كو3: 5).

‌و-  استخدامه في أشياء خاطئة مثل: الربا – التجارة غير المشروعة – الإدمان – الشهوة ...

حقًا لا يستطيع أحد أن يعبد ربين.

4– أخيرًا.. يوضح فصل الإنجيل عدم حمل الهم من ناحية الأكل والشرب أو اللبس، فيكفي أن تعمل قدر استطاعتك واترك الباقي على الله..

ويكفي أن تتأمل الطبيعة حولك وذلك الجمال البديع في الزهور والطيور كيف خلقها الله ويقوتها.. أفلا يهتم بك أنت أيضًا؟!

حقًا.. ألقِ عليه همك فهو يعولك.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx