اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 5011 مارس 2022 - 2 برمهات 1738 ش     العدد كـــ PDFالعدد 9-10

اخر عدد

عظة الأربعاء ٢ مارس ٢٠٢٢‎‎م من كنيسة العذراء والأنبا بيشوي بالكاتدرائية المرقسية الكبرى بالأنبا رويس
أين أنت؟ في المخدع

قداسة البابا تواضروس الثانى

11 مارس 2022 - 2 برمهات 1738 ش

كل سنة وحضراتكم طيبون بمناسبة بداية الصوم المقدس. هذه الأيام الممتعة نفرح فيها كلنا، وهي موسم وزمن لتوبة الإنسان ونقاوة حياته.

في هذا الصوم سنتناول سلسلة حول السؤال الذي قاله الله لآدم في بداية الخلقة: «آدم أين أنت؟». وهذا السؤال يتردّد صداه لليوم مع كل واحد منّا. يقدم لنا الصوم سبعة مواضع نتقابل فيها مع الله، ونقول له: "يا رب أنا هنا، تعالَ نتقابل معًا". الله يبحث عن كل واحد منّا: يبحث عن موسى في البرية ويفتقده في العليقة، ويظهر ليعقوب في حلم ويفتقده، وجدعون بالمثل ظهر له ليشدّده، ويظهر لشاول الطرسوسي في طريق دمشق ويتحول من شاول إلى بولس الرسول... الله دائمًا يبحث عن مكان أنت موجود فيه، يريد أم يقابلك ويراك ويحس بك، يريد أن يوصّل لك محبته ورحمته وحنانه. إيّاك أن تهرب وتقول مثل آدم: «سمعت صوتك فخشيت». أحيانًا يقول الله لك «آدم أين أنت؟» لكي يحذّرك من خطية مثلما حدث مع قايين. أحيانًا أخرى لكي يمنحك المعونة في مواجهة الضيقة مثلما حدث مع إيليا. ونرى السؤال "أين" يتردّد في سفر النشيد حيث تنادي عروس النشيد: «أخبرني يا من تحبه نفسي أين ترعى؟ أين تربض عند الظهيرة؟»، ووقت الظهيرة هو وقت الصليب، فأخبرني يا من تحبه نفسي أين ترعى لكي أمسكك ولا أتركك. أحيانًا يكون السؤال "أين" لكي يرشدك في طريق تمشي فيه مثل إرميا النبي: «هكذا قالَ الرَّبُّ: قِفوا علَى الطُّرُقِ وانظُروا، واسألوا عن السُّبُلِ القَديمَةِ: أين هو الطَّريقُ الصّالِحُ؟» (إر6: 16)، السيد المسيح نفسه قال لنا «أنا هو الطريق والحق والحياة».

خلال الأسابيع المقبلة من الصوم، سنتحدث عن المكان الذي يمكن أن تتقابل فيه مع المسيح. في أحد الكنوز ستقابله في المخدع، ادخل إلى مخدعك الذي هو قلبك. في الأحد الثاني، أحد التجربة، تقابله على الجبل في البرية أثناء الخلوة. الأسبوع الثالث مع الابن الضال في البيت. في الأسبوع الرابع مع السامرية عند البئر، والبئر يمثل مكان العمل. في الأسبوع الخامس عند بركة بيت حسدا، كأنها مستشفى، فمن الممكن أن تقابل الله في مواضع الاستشفاء حيث الإنسان متألم ومريض. ويمكنك أم تقابل ربنا كمان في الطرق والشوارع، في أي مشوار تذهب إليه مثلما حدث مع المولود أعمى. وقد تقابله في الكنيسة كما حدث عند دخوله أورشليم.

في الأسبوع الأول، يقول لنا الرب: «حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضًا». كنزك هو ما يشغلك، فقد يكون جسدك في مكان وفكرك في أمور أخرى، أو تكون مهمومًا أو قلقًا أو تفكر في مئة شيء أو في أمور مادية كلها على الأرض... هل تستطيع أن تسحب نفسك من كل هذا وتدخل إلى المخدع؟ لاحظ أن الرب قال لنا «لا تكنزوا كنوزًا على الأرض»، حيث السُرّاق واللصوص والعين الشريرة والجسد المظلم والعبودية للناس... تذكر نابوت اليزرعيلي في العهد القديم الذي اهتم بالمأكل، وحنانيا وسفيرة حنانيا اللذين اهتمّا بالمال، وعخان بن كرمي في ايام يشوع اهتم بغنائم الحرب، وبلعام بن بعور الذي اهتم بالكرامة، وبيلاطس الذي اهتم بالسلطة، وهيرودس الذي اهتم بالشهوة... كل هؤلاء يا إخوتي الأحباء هم أصحاب الكنوز الأرضية.

أما الكنوز السماوية، حيث لا خوف من السرقة، فصاحبها يكون عنده العين البسيطة (النقية)، والجسد المنير، مثل سليمان الحكيم الذي طلب الحكمة وترك كل كنوز الأرض، وموسى الذي فضّل البرية والصحراء عن التنعم في قصر فرعون، وإبراهيم أبي الآباء الذي اتحرم قدّم ابنه، وبطرس الذي ترك الشباك والصيد وتبع المسيح...

في إنجيل أحد الرفاع تحثنا الكنيسة على الدخول إلى المخدع وغلق الباب. ادخل إلى قلبك واغلق بابك. لا تنشغل بما هو خارجك على الأقل في فترة الصوم. ابتعد عمّا يسرق وقتك، مثلما نصلي في صلاة النوم ونقول: "العمر المنقضي في الملاهي يستوجب الدينونة". لماذا لا تتقابل مع مسيحك داخل مخدعك؟ ما الذي يجب أن نفعله داخل المخدع؟ إليكم مجموعة من التداريب الروحية التي تساعدكم..

(1) الصلاة: أي صلواتك الشخصية التي تعبر فيها عن حبك للمسيح. حين يحب إنسان آخر، يحب أن يقضي معه وقتًا ويتكلم معه بلا ملل. ما رأيك أن تحوّل هذا إلى الصديق الأوحد، إلى مسيحك.. صلِّ بحرارة ودموع، وليس من الشفتين فقط. جرّب أن تكون صلواتك من القلب. كرّس وقتًا خاصًا بينك وبين مسيحك، تصادف معه، اترك كل شيء خارج المخدع. اجتهد في أيام الصوم أن تصلي مزمور التوبة باستمرار داخل مخدعك. صلِّ بلجاجة. الحياة مع الله عِشرة، والعشرة لا تأتي من دقيقة أو اثنين، ولا من يوم أو اثنين. وعندما يجد الله فيك هذه الحرارة، ستجده يتكلم معك، وتشعر به وتحس بحضوره. صلِّ برجاء شديد مثل يونان النبي وهو في بطن الحوت.

يمكنك أيضًا أن تصلي المزامير (الأجبية)، وصلوات من الكتاب المقدس. المهم أن تصلي بقلبك. تكلم مع الله بطريقة عادية بسيطة، وهو سيسمع ويستجيب ويفرح بك ويعطيك سؤل قلبك. وهيطيب خاطرك ويحسسك أن الدنيا دي صغيرة جدا والسماء عظيمة جدا جوه

(٢) الصمت: في المخدع تعلم الصمت.. نحن نحيا في ضوضاء الأجهزة والناس. من فضلك تعلم الصمت.. في السكون تسمع الله. عدو الخير يثير الضوضاء من حولك لكي لا تسمع صوت ربنا. الله تشعر به في الصمت والسكون وليس في الضجيج. في مزامير داود تجدوا كلمة "سلاه" وترجمتها: وقفة موسيقية، أي سكوت.. صمت. الصمت فرصة للإنسان ليسمع صوت الله، مثلما نرتل الألحان والمدائح بطريقة المرابعة (بحري وقبلي)، فبينما يقول خورس يظل الآخر صامتًا، هذا الصمت لكي يرفع المرتل صلاة خاصة لله ويسمع فيها صوت الله. اطلب من الله في المخدع أن تسمع صوته، والله سيستجيب يعطيك هذه النعمة، وستشعر حقيقة أنه يكلمك ويرشدك وينير طريقك، وبمجرد سماع صوت الله ستجد نفسك في غاية الراحة. الصمت هو لغة السماء، وأقصد الصمت الإيجابي.

(٣) الكتاب المقدس: قيل في سفر يشوع في العهد القديم: «لا يَبرَحْ سِفرُ هذِهِ الشَّريعَةِ مِنْ فمِكَ، بل تلهَجُ فيهِ نهارًا وليلًا، لكَيْ تتَحَفَّظَ للعَمَلِ حَسَبَ كُلِّ ما هو مَكتوبٌ فيهِ. لأنَّكَ حينَئذٍ تُصلِحُ طريقَكَ وحينَئذٍ تُفلِحُ» (يش1: 8). حاول في الصوم أن تقرأ القراءات اليومية، وأن تأخذ سفرًا كاملًا وتقرأ فيه طول فترة الصوم، أو حتى جزءًا من سفر وتركز فيه؛ تدبير أب اعترافك، المهم أن يكون لك اتصال بالكلمة المقدسة. كثرة القراءة في الكتاب تجعل ألفاظك مقدسة، وعينك مستنيرة. يقول القديس بولس: «لأنَّ كلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ (أي تغيّر الإنسان) وفَعّالَةٌ (لا ترجع فارغة أبدًا) وأمضَى مِنْ كُلِّ سيفٍ ذي حَدَّينِ (تؤثر في كل من يسمعها)، وخارِقَةٌ إلَى مَفرَقِ النَّفسِ والرّوحِ والمَفاصِلِ والمِخاخِ (تدخل إلى أعماق الإنسان وتغيّر فيه)، ومُمَيِّزَةٌ أفكارَ القَلبِ ونيّاتِهِ (تدخل القلب وتفرز الأفكار)» (عب4: 12). صادق إنجيلك.. فرصة وأنت جالس في المخدع أن تكون كلمة الله حاضرة في فكرك وفي قلبك وفي شفتيك وفي صلواتك، حتى وأنت تتعامل مع أفراد أسرتك أو في عملك، اجعل كلامك مملحًا.

(٤) الميطانيات: ميطانية تعني السجود. ميطانية بمعناها الحرفي اليوناني "تغيير اتجاه"، تسجد على الأرض لأسفل وتقوم. من التداريب الحلوة التي يمكن أن تعملها في الصوم أن تبدأ أول يوم في الصيام بـ١٢ ميطانية: ٦ من أجل ذاتك و٦ من أجل الآخرين. الميطانية تعبير عن طلب التوبة، حين تهاجمك الأفكار والضعفات ابدأ بميطانيات وسجدات إلى الأرض من أجل أن يتحنن الله عليك ويرفع عنك الضعف والخطية ويخلق فيك إنسانًا جديدًا.

(5) التسبيح: نغمة الصوم وألحان الصوم محبوبة لنا جدًا (طوبى للرحما على المساكين).. في التسبيح يصير قلبك بالحقيقة سماء جديدة، تشعر بتتعزية داخلية وفرح. التسبيح هو الصلوات المفتاحية للسماء، لذلك لا توجد خدمة في الكنيسة بدون تسبيح أو ألحان؛ القداس الإلهي كله ألحان ونغم ينقلنا للسماء، وفي نهايته نرتل: «سبحوا الله في جميع قديسيه...». سفر المزامير فيه الكثير من مزامير التسبيح ونستخدمها في صلواتنا في الأجبية. تستطيع أن تحول مخدعك وقلبك إلى سماء، وتبدأ تشعر بحلاوة الدخول إلى المخدع، وحين تسمع صوت الله: "فلان أين أنت؟"، تقول له: "يا رب أنا هنا في المخدع، أتمتع بالعشرة معك".

هذا هو الأسبوع الأول الذي نتقابل فيه مع مسيحنا، ونبدأ بداية جديدة، لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx