اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 5011 مارس 2022 - 2 برمهات 1738 ش     العدد كـــ PDFالعدد 9-10

اخر عدد

نظرة العتاب في الأيقونة

نيافة الأنبا مارتيروس الأسقف العام

11 مارس 2022 - 2 برمهات 1738 ش

إلى أين تتجه نظرة عين السيد المسيح؟ يتبين لنا أن هناك سرًا في الموضوع!! لقد اعتاد الفنان المسيحي أن يخفي أسراره خلف الخطوط والألوان، بسبب ما ورثه من تخوُّفات وقت الاضطهاد الروماني، الذي حاول أن يقضي على المسيحية والهوية الجديدة التي ينتمي إليها أتباع المصلوب، فشرع يسحق الفن المعبِّر عن تلك الهوية، فالتجأ الفنان إلى الرمزية ولغة الإشارات. وحدث عندما زال الاضطهاد، حلّت الواقعية في الفن، حيث بدأت الحرية في الفن، فظهرت أيقونات السيد المسيح، والعذراء، والشهداء والقديسين، بل ورُسِمت أحداث من الكتاب المقدس بعهديه صراحة، ولكن لم يتخلَّ الفنان المسيحي عن أسراره في الأيقونة حتى هذه اللحظة، وما زالت تختفي أسراره خلف الخطوط والألوان.

دعونا أن نأتي إلى التمعن على سبيل المثال لاتجاه نظرة السيد المسيح بعينيه، ونتساءل: لماذا ينظر يمينا؟! أو يسارا؟! أو في اتجاه واحد؟! ثم نتفاجأ بأمر غريب حيث حركة الوجه أيضًا، فهي تحوي شبه سرّ خفيّ، كيف ذلك؟ وما السر فيما اتسم به الوجه من حيث الصرامة والبساطة؟ لقد اكتشف المتخصصون في الأيقونجرافي، أنه عندما ينظر المسيح إلى ناحية اليسار يصير وجهه صارمًا ومتجهمًا غير راضٍ، بل ويحمل ملامح التهديد والوعيد، نعم إنه يحمل التهديد والوعيد مع العتاب الشديد، للذين عن يساره، الذين لم يرحموا الفقير الجائع والمريض والعريان والمحبوس في آلامه. واكتشف العلماء أيضًا أنه عندما ينظر لناحية اليمين، تجد ملامحه وديعة، مريحة، مرحّبة لمن هم عن يمينه، الذين رحموا الفقير في جوعه، وعطشه، وعريه، ومرضه، وسجنه، لأن كل تلك الأفعال كانت في الأساس مع المسيح نفسه، حيث قال: «بي قد فعلتم»، وقد وصل الأمر بالفنان أن يرسم نصف وجهه اليسار بنظرة مهدِّدة وخد صارم، ونصف وجهه اليمين بنظرة مرحّبة وخد وديع متناسق، وهذا يتماشى مع صلاة داود النبي في المزمور «أنظر إلى اليمين وأبصر» (مز142: 4).

كنت ذات مرة أتطلّع إلى إحدى الأيقونات التي تحوي رسمًا للسيدة العذراء مريم تحمل ابنها السيد يسوع الابن الكلمة، وقد استرعاني ما رأيت!! إن نظرة كليهما ناحية اليمين فقط!! حيث يريد الفنان أن يظهر محبتهما للأبرار الذين عن يمينه فقط، حيث أن السيد المسيح ووالدته العذراء مريم سوف لا ينظران إلا للمستحقين فقط، كما جاءت الآية «يقُولُ الرَّبُّ وَإِلَى هذَا أَنْظُرُ إِلَى الْمِسْكِينِ وَالْمُنْسَحِقِ الرُّوحِ وَالْمُرْتَعِدِ مِنْ كَلاَمِي» (إش٦٦: ٢)، ونرى أن من أسباب عدم نظر الله إلى تقدمة قايين رغم نصح الله له «إن أحسنت أفلا رفع» كما يقول القديس ديديموس الضرير: "قدّم قايين تقدمته بإهمال، أما هابيل فقدمها بإخلاص".




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx