اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 5025 مارس 2022 - 16 برمهات 1738 ش     العدد كـــ PDFالعدد 11-12

اخر عدد

أين أنت؟ مقابلة الله في البيت والأسرة -  
عظة الأربعاء 16 مارس 2022م من كنيسة العذراء والأنبا بيشوي بالكاتدرائية


قداسة البابا تواضروس الثانى

25 مارس 2022 - 16 برمهات 1738 ش

الابن الضال يمثل الشخص الغير راضي بمعيشته. كان بيته هادئًا، ولكنه كان إنسانًا متذمرًا؛ وهذا ما يدمّر الإنسان. ونلاحظ أن أول معجزة صنعها السيد المسيح كانت تأسيس بيت، والمسيح هو الذي يؤسس كل بيت من خلال سر الزيجة، ونلاحظ ذلك في طقس هذا السر حيث في نهايته يأتي العروسان ويركعان أمام الهيكل.. وسوف نقوم اليوم بعمل المقارنة بين صفات البيت الموجود فيه الله والبيت غير الموجود فيه الله:

 صفات البيت الحاضر فيه الله:

١- بناه الله بيده وحاضر فيه بالصلوات: الله هو الذي يؤسس البيت ويكون حاضرًا فيه من خلال الصلوات الجماعية والفردية، وبعد ذلك من خلال الأطفال، وتُقدَّم ذبائح البر في ذلك البيت، ويكون البيت فيه مكان للصلاة وأيقونات للقديسين مثل أيام جائحة كورونا حين جهزت كل البيوت أماكن مخصوصة للصلاة.

٢- يرعاه الله: لأن الله هو ضابط الكل وضابط هذة الأسرة الصغيرة، وذلك من خلال كل ما يحدث، طالما هذه الأسرة تعيش في مخافة الله يكون كل ما يحدث هو ترتيب من الله، والله قد يرسل لك رسالة من خلال طفل في مدارس الأحد أو ابنك أو ابنتك وقد يكون من خلال الكتاب المقدس... والله يرسل لنا الرسائل لأجل البيت.

٣- الرضا والشبع بالأوقات المقدسة: نلاحظ ذلك في قصة موسى وكيف كان الله يعتني به، وكيف تعلم من آداب المصريين، واهتمت به ابنه فرعون، وتوضّح لما هذة القصة أن الله الحاضر يراعي الإنسان في ضيقاته. العالم اليوم يحاول أن يقلّل في الأذهان قوة وقدرة الصلاة، من خلال الحروب والأخبار المزعجة، ولكن نتذكر دانيال وهو في السبي ورفضه الامتناع عن الصلاة ويقول «فَلَمَّا عَلِمَ دَانِيآلُ بِإِمْضَاءِ الْكِتَابَةِ ذَهَبَ إِلَى بَيْتِهِ، وَكُواهُ مَفْتُوحَةٌ فِي عُلِّيَّتِهِ نَحْوَ أُورُشَلِيمَ، فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فِي الْيَوْمِ، وَصَلَّى وَحَمَدَ قُدَّامَ إِلهِهِ كَمَا كَانَ يَفْعَلُ قَبْلَ ذلِكَ» (دا6: 10). كما كان يصلي في بلاده كان يصلي في السبي، وعندنا قصة نقل الجبال المقطم وذلك بالصلاة.

٤- الله يطرح فيه البركة: لو كان الابن الضال رأى مقدار الشبع الذي كان يعيش فيه اما ترك بيت أبيه، لكن كانت نظرته نظرة مادية. ونجد صوت الله حاضر في ذلك البيت وفيه حياة التلمذة الحقيقة بينهم، البيت الذي يكون فيه صوت اللحن الجميل وصوت التسبحة، ونجد بيوتًا فيه مناقشات في آيات من الكتاب المقدس.. كل هذا يحول البيوت إلى سماء.

البيت الذي يكون المسيح حاضرًا فيه هو البيت الذي نرى فيه كل هذا، والبيت الذي يعلم أولاده الخدمة وتقديم العشور والخدمة من أجل فرح الانسان، والبيت الذي يوّرث الأبناء المحبة وليس المال، وهناك قصص كثيرة في ذلك.

الابن الضال قدم لنا صورة مشوّهة، لأن الإنسان الذي لا يشبع من بيته يبحث عن الشبع خارج البيت، وحتي في الأكل!

هناك صورة أخرى لصفات البيت غير الحاضر فيه الله (الصورة العكسية):

١- بارد ببرودة السجن، وهو الذي وقع فيه الابن الضال وتحول بيته إلى سجن، وطلب نصيبه والتمتع مع أصحابه في جو من الحرية، وهذه حرب لأي إنسان أن يتحول البيت إلى سجن وخارجه حرية. أبشالوم في العهد القديم يقول: «مَنْ يَجْعَلُنِي قَاضِيًا فِي الأَرْضِ فَيَأْتِيَ إِلَيَّ كُلُّ إِنْسَانٍ لَهُ خُصُومَةٌ وَدَعْوَى فَأُنْصِفَهُ؟» (2صم15: 4)، كان يريد أن يأخذ مكان أبيه، وعمل انقلابًا على أبيه وكانت النهاية مفزعة. الإنسان الذي يقول "أنا الكبير في البيت وكلمتي هي التي تُنفذ"، والبيت الذي فيه فراغ وبروده مثل الابن الضال الذي أحب المال، والذي يحب المال يحب الشرور لأن «محبة المال أصل كل الشرور»، ويمكن أن نضع أي شيء مكان المال وتكون لنا مقياس.

٢- خالٍ من الحب واهتمامه بالخارج أكثر من الداخل.

٣- الشكوى من عدم الشبع، مرة يشتكي أولاده ومرة امرأته... الخ. كلنا نعرف عالي الكاهن، وأن أولاده انحرفوا. نتذكر أيضًا نابال الأحمق وامرأته ابيجايل، حين رفض نابال أن يعطي داود من الخير الذي عنده، بيت لا يعرف الشبع. كلنا نحب الآية التي تقول «النفس الشبعانة تدوس العسل...». ونحن بدون الله لا نشعر بالشبع ولا الحب ويكون البيت جافًا.

٤- العلاقات داخل البيت جافة تخلو من الود مثل يوسف وإخوته الذين باعوا أخاهم. الابن الضال سقط في الفخ، وذهب للحرية بسبب الأصدقاء وتمسك بأخذ الميراث، وبدأ أصدقاؤه يشوّهون صورة أبيه في ذهنه، وظن أنه سيملك الحياة خارج المنزل، هذا حال الخطايا: تلمع في البداية وبعد ذلك تظهر حقيقتها. بعد ذلك يقول الكتاب عنه أنه جاع وبدأ يأكل من طعام الخنازير، ولكن نشكر الله أنه عاد سريعًا واكتشف المعادلة الخطأ واكتشف أن البيت حرية وخارجه سجن وليس العكس، ورجع وقدم نموذجًا طيبًا للتوبة، لذلك لأجل توبة الابن الضال نحن نذكره.

والخلاصة: أحب أن أقول لكم: "كيف نتقابل مع ربنا داخل البيت؟" من خلال:

١- الفرد الضعيف في الأسرة: قد تكون الأسرة مكوّنة من خمسة أفراد، وفي أحدهم ضعف جسدي أو من ذوي الهمم أو مريض... ممكن أن تقابل الله داخل البيت من خلال هذا الفرد الضعيف واهتمامك به، والله يرسل لك رسائل، مثل ابن يوناثان الذي كان معاقًا.

٢- نفس كَسَرَها الزمن: من الممكن أن تقابل ربنا من البيت حين يكون فيه نفس أو شخص كسره الزمن. أحيانًا ينكسر إنسان بسبب تغيرات الزمن مثل نعمي حماة راعوث التي فقدت زوجها وابنيها، تخيلوا خطورة الأمر، لكن الله أرسل لها راعوث التي ارتبطت بها وقررت أن تحيا معها حتى موتها، وقدمت صورة جميلة. الوقوف بجانب النفس المكسورة التي لا يشعر بها العالم. حاليًا يا إخوتي من شدة زحام الحياة لا نحس بهؤلاء الضعفاء، ومثل هؤلاء من عنده حساسية زائدة وخجل، ومن هو صعب الطباع مثل البخيل. كيف تقدر أن تتعامل وتتفاهم مع الشخص الذي أمامك لأن من خلاله يرسل لك الله رسائل. صلِّ من أجل هذا الشخص باستمرار، واختبر قوة الصلاة فيه بحيث يتغير الطبع ويجبر الله الكسر الله.

٣- تطبيق الوصية «اَلْجَوَابُ اللَّيِّنُ يَصْرِفُ الْغَضَبَ»: قد يكون الطرف الذي أمامك غضوبًا لأي سبب، وإذا غضبت أنت أيضًا يكون في البيت نار.. هناك عبارة لطيفه قالها أحد الأدباء: "علمتني أمي أن الطباخ الماهر هو الذي يعرف تمامًا متى يطفئ النار". هناك من يكون في بيته مثل حمامة سلام، يعرف أن يطفئ النار بكلمة جميلة أو عبارة لطيفة أو بأيّة طريقة. من خلال هذا الإنسان يتكلم الله ونتقابل معه.

٤- العين الحانية التي ترحم: مهم أن الإنسان يكون عنده العين الحانية، لأن القساوة أصبحت في العيون والقلوب.. قساوة غربية وبكل شكل، مثل الابن الأكبر في مثل الابن الضال، لم يفرح لعودة أخيه بل بالعكس. أيها الحبيب، إذا كنت زوجًا أو زوجة أو ابنًا أو ابنة: هل عندك العين الحانية، العين التي ترحم؟ أم عندك العين القاسية التي تتعب الآخر؟ العين الحانية أو الرقيقة تعرف كيف تطفئ نار الغضب.

حين يحضر الله في البيت، يكون البيت جميلًا، ويكون بيتك بكل اعضائه أحسن بيت في الدنيا. البيت الجميلة ليست بما فيها من أثاث وخلافه، بل بما فيها من محبة، وحضور المسيح فيها. لتكن حياتنا وبيوتنا مكرسة لله، تنقابل فيها مع الله كما نتقابل معه في المخدع وفي البرية.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx