من أراخنة الأقباط الذين كان لهم دور فعال في خدمة الوطن والمجتمع والكنيسة، فهو مؤسس مشروع مدارس التدبير المنزلي بمصر، وكان أيضًا عضوًا بجمعية التوفيق القبطية، ورئيسًا لتحرير مجلتها، ومديرًا لمطبعتها، وعضوًا بمجلس كنيسة رئيس الملائكة غبريال – بحارة السقايين، وبجمعية النشأة القبطية الأرثوذكسية بعابدين. كان ضليعًا في اللغات العربية، والقبطية، والإنجليزية، وله من المؤلفات ما يزيد عن الأربعين كتابًا.
وُلِد الطفل فرنسيس بمركز أبنوب الحمام بمديرية أسيوط، في يوم عيد الصليب المجيد عام 1868م، من أسرة كهنوتية، فوالده القمص ميخائيل مينا رزق الذي كان قمصًا لكنيسة القديسة العذراء مريم الشهيرة بالدمشيرية، بمنطقة مصر القديمة، وكان هذا الأب مشهورًا بحفاظه على طقوس وعقيدة كنيستنا، وكان أب اعتراف لقداسة البابا المتنيح الأنبا كيرلس الخامس الـ112، وكان جده هو القمص مينا رزق كاهنًا بأبنوب الحمام.
لم يعش فيها كثيرًا، حيث ترك والداه هذا المركز، وأتيا إلى القاهرة وهو طفل صغير، فالتحق مع إخوته بمدرسة الأقباط الكبرى الملحقة بالكنيسة المرقسية الكبرى الأزبكية، ونال فيها الشهادة الابتدائية، وذهب بعد ذلك لمدرسة الأقباط الصغرى الملحقة بكنيسة رئيس الملائكة غبريال بحارة السقايين ليكمل دراسته، فحصل على إتمام الشهادة التجهيزية، ثم التحق بمدرسة الأمريكان بمصر حيث أنهى تعليمه.
بعد التخرج طلبته إحدى الجرائد المسماة "النور التوفيقي" وقد كان يعمل فيها كمحرر لمدة عام تقريبًا، ثم اعتنى بجمع وترتيب ديوان الخنساء، وفسّر ما أودع فيها من الألفاظ اللغوية الصعبة، وقام بطباعته في عام 1888م.
عمل مدرسًا للترجمة والنحو، بمدارس الفرير بمصر، ثم سافر إلى فرنسا ليعمل مدرسًا للغات العربية، والقبطية، والإنجليزية، ثم عاد حيث والتحق بجمعية التوفيق القبطية وصار ناظرًا بمدرسة الأقباط بالفيوم، حتى صار رئيس تحرير مجلة التوفيق، ثم مديرًا لمطبعتها بمصر.
تزوج وأنجب أحد عشر من الأبناء والبنات، منهم منيرة التي تعينت مدرسة بمدرسة التدبير المنزلي، فوضعت كتابًا في أصول الطبخ المنزلي، ومنصور الذي كتب ونشر بعض الكتب الروحية.
في عام 1895م، قام فرنسيس ميخائيل بوضع كتاب "السهم المكين في الرد على تعدّد الزوجات عند المسيحيين"، كما قام بطبع كتاب "شرح الرؤيا" لابن كاتب قيصر الشهير، على نفقة الجمعية، وقد عُني بتفسير ألفاظه المعجمة، وكان ذلك في عام 1898م. ثم التحق بمطبعة التمدن، وصار مديرًا لمطبعتها، والمسبك الخاص بها.
قام بترجمة عدة روايات، وعن طريق ابراهيم رمزي تعرف على المفكر والفليسوف أحمد لطفي السيد الذي كان رائدًا من رواد حركة النهضة والتنوير في ذلك الوقت، وقاما معًا بإصدار "المجلة المطبعية" وهي مجلة أدبية، صناعية، انتقادية، وصدر المجلد الأول للسنة الأولى في عام 1909م.
منذ أواخر عام 1909م بدأ يؤسس مشروعًا حيويًا، وهو مدارس التدبير المنزلي للبنات، ليضمن للأمة حياة جديدة، وسعادة عائلية، فقام بوضع بعض المؤلفات الخاصة بالمدارس، وعمل على إبراز هذا المشروع في صفحات الجرائد الشهيرة، فوجد استحسانًا عامًا لدى الشعب.
أخذت وزارة المعارف (وزارة التربية والتعليم حاليًا) مشروعه، وأنشأت مدرسة بسراي القبة لتصبح أولى مدارس التدبير المنزلي في مصر، وأخيرًا عُيِّن مدرسًا للتدبير المنزلي بمدارس الأقباط الكبرى للبنين والبنات، التابعة للبطركخانة القبطية (بطريركية الأقباط الأرثوذكس حاليًا) ثم مديرًا على مدارس التدبير المنزلي ببولاق، وكان مؤلفاته تفوق الأربعين.
قد أشاد كل من أحمد رضوان سلامة، وعامر سليمان، وهما من علماء الأزهر الشريف بأن: "فرنسيس قد فسر المفرادات التي تخفي على الطالب بمعانيها اللغوية الصحيحة، وبهذا يكون أدى خدمة عظيمة للغة العربية".
كما تصفحت هدى شعراوي كتابه "طريق السعادة الزوجية" وعلقت قائلة: "وجدته خليقًا بعنوانه لما حواه من نصائح قيمة، وإرشادات بليغة، لا شك أنها عظيمة الفائدة للفتاه المصرية."
من الجدير بالذكر أنه كان عضوًا في كل من مجلس كنيسة رئيس الملائكة الجليل غبريال - بحارة السقايين - بعابدين، وجمعية النشأة القبطية الأرثوذكسية من عام 1927 إلى عام 1933م.
وتنيح في صباح الأحد 29 أغسطس 1948م، عن عمر يناهز ثمانين عامًا.
أسانيد المقال:
السيرة الذاتية لفرنسيس بخط يده، والشكر لأحفاد صاحب السيرة مدام ماجدة، ومدام ماري اللتان أمدتاني بمذكرات والدهما منصور، كما أشكر الأستاذ وجيه جورج الذي أرسل بعض معلومات عن حياته.
