اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السنة 5008 أبريل 2022 - 30 برمهات 1738 ش     العدد كـــ PDFالعدد 13-14

اخر عدد

«اغْتَسَلَ وَأَتَى بَصِيرًا» (يو9: 7)

القمص بنيامين المحرقي

08 أبريل 2022 - 30 برمهات 1738 ش

بعد أن طلى المسيح إلهنا عيني المولود أعمى بالطين، «قَالَ لَهُ: «أذْهَبِ اغْتَسِلْ فِي بِرْكَةِ سِلْوَامَ». الَّذِي تَفْسِيرُهُ مُرْسَلٌ. فَمَضَى وَاغْتَسَلَ وَأَتَى بَصِيرًا»، وهذه المعجزة تثبت ألوهة الكلمة المتجسد، في كونه الله الخالق، معجزة لها بعدان: بُعد مادي حيث نال هذا الرجل نعمة البصر، وأيضًا بُعد روحي وهو البصيرة الروحية وهذا هو هدف المعجزة، فعندما سأله السيد المسيح «أَتُؤْمِنُ بِابْنِ اللَّهِ؟» فَقَالَ: «أُومِنُ يَا سَيِّدُ». وَسَجَدَ لَهُ» (يو9: 35).

لماذا الماء؟ الماء منذ بداية العالم هو عنصر مانح للحياة فقد: «كَانَتِ الأَرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً وَعَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ ظُلْمَةٌ وَرُوحُ اللهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ» (تك1: 2)، يقول القديس يوحنا ذهبي الفم: [هذا يدل على أن في المياه كان يوجد روح محيي، وأن الماء لم يكن غير متحرك، بل كان متحركًا وفيه قوة محيية، لأن الماء غير المتحرك قد يكون فاقد النفع بالكلية وأما المتحرك فيكون موافق لأمور كثيرة] (شرح سفر التكوين)، ويطلق عليها العلاَّمة ترتليان: [عرش الروح القدس]، فالمياه مادة يعمل فيها الروح القدس فيهبها قوة فوق طبيعية للتنقية، يقول المزمور الأول عن الانسان البار أنه «كَشَجَرَةٍ مَغْرُوسَةٍ عِنْدَ مَجَارِيِ الْمِيَاهِ» (مز1: 3)، وهذه المياه تعطيها الحياه ولذلك أكمل قائلًا: «تُعْطِي ثَمَرَهَا فِي أَوَانِهِ وَوَرَقُهَا لاَ يَذْبُلُ. وَكُلُّ مَا يَصْنَعُهُ يَنْجَحُ»، والله شبّه نفسه بينبوع الماء الحي، فيقول في سفر إرميا النبي «تَرَكُونِي أَنَا يَنْبُوعَ الْمِيَاهِ الْحَيَّةِ لِيَنْقُرُوا لأَنْفُسِهِمْ آبَارًا آبَارًا مُشَقَّقَةً لاَ تَضْبُطُ مَاءً» (إر2: 13).

في المعمودية: كيف لغسل الجسد بالماء أن يخلص من الموت الأبدي؟

بالطبع ليس مجرد التطهير الجسدي هو ما يمنح النعمة، لكن بصلوات تقديس المياه، وحلول الروح القدس تصبح لهذه المياه هذه القوة، فيقول معلمنا القديس بولس الرسول: «اغْتَسَلْتُمْ بَلْ تَقَدَّسْتُمْ بَلْ تَبَرَّرْتُمْ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ وَبِرُوحِ إِلَهِنَا» (1كو6: 11)، إن القديس بولس الرسول هنا يشير إلى تدرج وتسلسل بموجبه ينتقل المؤمن من الجانب السلبي: «اغْتَسَلْتُمْ» إلى الجانب الإيجابي «قَدَّسْتُمْ»، ويعقب ذلك كله بكلمة «تَبَرَّرْتُمْ» ليعبر عن كمال عملية التبرير.

يربط العلامة أوريجينوس مغفرة الخطايا بالمعمودية، التي بها يمنح الروح القدس المُعمَّد نعمة وقوة لكي يهزم الشهوات (الحث على الاستشهاد 30)، وهذا هو مفهوم قول القديس يوحنا الرسول: «نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ مَنْ وُلِدَ مِنَ اللهِ لاَ يُخْطِئُ، بَلِ الْمَوْلُودُ مِنَ اللهِ يَحْفَظُ نَفْسَهُ، وَالشِّرِّيرُ لاَ يَمَسُّهُ» (1يو5: 18)، لأن المعمودية تهب نعمة يستطيع أن يحارب ويغلب، [نعمة لا عصمة] فلو استهان ولم يستخدم اسلحة الخلاص «دِرْعَ الْبِرِّ، وَخُذُوا خُوذَةَ الْخَلاَصِ، وَسَيْفَ الرُّوحِ الَّذِي هُوَ كَلِمَةُ اللهِ» (أف6: 14، 17)

يتعجب العلاَّمة ترتليان، من فاعلية المعمودية وعملها السريّ، إذ يقول: [يا للسر السعيد الذي لمياهنا، التي فيها تُغسل وتُزال خطايا أفقدتنا البصيرة، ونعتق لحياة أبدية] (عن المعمودية 2)، وهذا ما حدث مع شاول الطرسوسي، فيقول له حنانيا «وَالآنَ لِمَاذَا تَتَوَانَى؟ قُمْ وَاعْتَمِدْ وَاغْسِلْ خَطَايَاكَ دَاعِيًا بِاسْمِ الرَّبِّ» (أع22: 16).

وهذا هو مصدر الاستنارة الحقيقة «فَلِلْوَقْتِ وَقَعَ مِنْ عَيْنَيْهِ شَيْءٌ كَأَنَّهُ قُشُورٌ فَأَبْصَرَ فِي الْحَالِ» (أع9: 18)، فالاغتسال من الخطية يهب المُعمَّد البصيرة الروحية التي هي الاستنارة فيقول القديس أكليمننضس السكندري: [وإذ اعتمدنا فقد استنرنا، وإذ اُستُنِرنا صرنا أبناء، ومعنى الاستنارة أننا به نرى النور القدوس الخلاصيّ، أعنى أننا نشخص به إلى اللاهوت] (المربي1: 6: 26).




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx