اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السنة 5008 أبريل 2022 - 30 برمهات 1738 ش     العدد كـــ PDFالعدد 13-14

اخر عدد

أفراح القيامة

دكتور رسمي عبد الملك

08 أبريل 2022 - 30 برمهات 1738 ش

اختار السيد المسيح الصليب ليكون هو الطريق للفداء، وكما يقول القديس أثناسيوس الرسولي: "كما أن الشجرة التي أكل منها آدم كانت من الخشب، وجلبت لنا الموت، فإن خشبة الصليب التي صُلِب عليها السيد المسيح جلبت لنا الحياة "، فلقد وهب لنا الحياة، فهو معطي الحياة. على الصليب يفتح ذراعيه ليجمع كل الخليقة، غافرًا كل خطايانا، وقال لنا: «أراكم فتفرح قلوبكم، ولا يستطيع أحد أن ينزع فرحكم منكم»، فلقد انتصر على الموت، وفرح التلاميذ بقيامته وبقوته، لأن قيامته هي عربون لقيامة كل من يؤمن به «ففرح التلاميذ إذ رأوا الرب» (يو٢٠:٢٠).

وأكثر أسباب فرح قلوبنا وأكثرها عمقًا وأكثرها نقاوة هو الفرح بالرب، ليس الفرح بالنِعَم التي يعطينا الرب له، وإنما الفرح بالرب نفسه.. هو موضوع فرحنا، وسبب فرحنا هو أننا وجدنا الرب وعرفناه، تمامًا كما فرح نثنائيل وفيلبس لأنهما وجدا يسوع (يو١)، وكما فرحت مريم المجدلية ومريم الأخرى برؤيتهما الرب بعد القيامة (مت ٢٨)، والمرأة السامرية لأنها وجدت المسيا (يو٤).

لذلك نفرح لأنه قد دخل حياتنا شيء جديد بمعرفتنا للرب، فتحولت حياتنا وأصبحت ذات قيمة ومعنى، وطعم له مذاق خاص يختلف عمّا يشعر به الآخرون الذين يفرحون بأمور العالم، يرون ثقل وصايا الرب لأنها تقف حائلا بينهم وبين شهواتهم العالمية، وتحرمهم من ملاذهم الجسدية وأمانيهم العالمية، كما حدث أولًا للابن الضال حينما تخلص من بيت أبيه لكي يحيا كيفما يشاء.

أمّا الذين تجرّدوا من محبة العالميات فإنهم يفرحون بالرب الذي حرّرهم، وأصبحت نظرتهم للحياة متغيّرة بعمل روح الله القدوس فيهم، ودخلوا في تجديد أذهانهم (رو١٢: ٣)، وأصبح اسم الرب حلوًا في أفواههم، ولذّة الفرح في عشرة الرب «فرحت بالقائلين لي الي بيت الرب نذهب». أصبحنا نجد لذّة في الروحيات التي كنا بعيدين عنها قبل القيامة.. فهناك فرق بين أن يذهب إنسان إلى بيت الرب كواجب روحي، وبين إنسان يقول من أعماقه «تشتاق وتذوب نفسي للدخول لديار الرب». هناك فرق بين الحب ومجرد أداء الواجب. فرق بين إنسان يصلي لأن الدين يأمره بهذا، وآخر يصلي وهو يقول للرب: «باسمك أرفع يديّ، فتشبع كما من شحم ودسم». تفرح لأن الرب قد أشبعك «وجدت كلامك كالشهد فأكلته»، بل هو «أحلى من العسل والشهد في فمي» (مز١١٩)، ولا شك أن الفرح بالرب مرتبط بمحبتنا له، وبكل عمله فينا، وبأنه يقودنا في موكب نصرته. نفرح بالرب بوعده لنا «من يغلب فسأعطيه أن يأكل من شجرة الحياة، ويأكل من المن المخفي.. وأعطيه اسمًا جديدًا، ويصير عمودًا في هيكل إلهي» (رؤ٢: ٣).

إن كل ما يحيط بالرب هو فرح لا يُنطق به، فلقد كان ميلاده فرحًا، وفي التبشير بميلاده فرح «ها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب» (لو٢: ١٠)، وكانت قيامته فرحًا «ففرح التلاميذ إذ رأوا الرب».

لنفرح بالرب الذي يهتم بنا هنا، وعبِّر له عن فرحك به، قل له: يا رب سأعيش في فرح، لأني أشعر أن يدك تمسكني وتقودني، وأن نعمتك تقوّيني وترشدني، وروحك القدوس يعلّمني كل شيء، ويمنحني مواهب لأسلك في سبلك لأنك منحتني بهجة خلاصك (مز٥٠).

«ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب» الذي يهتم بنا ويعد لنا مكانًا معه، ويعتبر كلًّا منّا كابن خاص له، ويعاملنا بكل حب. إله طيب ليس له شبيه في السماء والأرض. مَنْ مِثل الرب إلهنا؟ ومَن أنا الانسان حتى يذكره؟ أنا حبيبه «هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد..»، الذي من أجلي تجسد وتألم وصُلب وقام منتصرًا على شوكة الموت ليعطينا الخلاص ويفتح لنا ملكوت السموات، لنعيش في حياة لن نتخيلها خلال حياتنا كما قال الكتاب «ما لم تره عين، وما لم تسمع به أذن، وما لم يخطر على قلب بشر، ما أعدّه الله للذين يحبونه».. حقا شهادة الرب تفرح القلب.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx