اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 5003 يونيو 2022 - 26 بشنس1738 ش     العدد كـــ PDFالعدد 19-20

اخر عدد

المسئولية الأسقفية جـ1

قداسة البابا تواضروس الثانى

03 يونيو 2022 - 26 بشنس1738 ش

الدرجات الإكليروسية في الكنيسة المقدسة ثلاث، هي: الشموسية – القسيسية – الأسقفية، والإكليروس (كلمة يونانية تعني المُكرَّسين لله) هم الذين يقومون بسائر الخدمات الليتورجية والكنسية المتعدّدة في نظام دقيق جدًا ومُحدَّد كما يقول الكتاب: «لكل واحد منّا أُعطِيت النعمة حسب قياس هبة المسيح» (أفسس 4: 7).. «لأجل تكميل القديسين لعمل الخدمة لبنيان جسد المسيح» (أفسس 4: 12-16).

وبمناسبة سيامة عشرة أساقفة جدد ليخدموا في المواضع التي خلت بنياحة عدد من الأحبار الأجلّاء خلال الفترة الماضية، فإنني أودّ أن أتحدث عن جوانب المسئولية الأسقفية، والتي تُعتبر (الأسقفية) أعلى درجات السلم الإكليروسي، ومن الأساقفة يتكون أعضاء المجمع المقدس برئاسة البابا البطريرك.

بنعمة المسيح نتحدث عن المسئولية الأسقفية في عشرة جوانب متعدّدة ونكتب عنها في أكثر من مقال.

أولًا: المسئولية الشخصية: التخلي عن الذات:

دورنا كأساقفة هو النظر للآخر.. النظر للشعب وليس لأنفسنا: «لاَ تَنْظُرُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا هُوَ لِنَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَا هُوَ لآخَرِينَ أَيْضًا» (في2: 4).

إذا استطعنا أن نقول مع بولس إننا عبيد للشعب من أجل يسوع، فنحن إذًا أساقفة ورعاة بحق: «فَإِنَّنَا لَسْنَا نَكْرِزُ بِأَنْفُسِنَا، بَلْ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبًّا، وَلكِنْ بِأَنْفُسِنَا عَبِيدًا لَكُمْ مِنْ أَجْلِ يَسُوعَ» (2كو4: 5).

كلمة السر لبلوغ التخلّي التام عن الذات هي الاتضاع.. الاتضاع هو أكبر وأضمن طريق للنمو الروحي الدائم.. الاتضاع هو حارس نعمة الأسقفية. ولذلك أقول لك أيها الآب الأسقف: اجعل مَثَلَك يوحنا المعمدان: «يَنْبَغِي أَنَّ ذلِكَ يَزِيدُ وَأَنِّي أَنَا أَنْقُصُ. اَلَّذِي يَأْتِي مِنْ فَوْقُ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ، وَالَّذِي مِنَ الأَرْضِ هُوَ أَرْضِيٌّ، وَمِنَ الأَرْضِ يَتَكَلَّمُ. اَلَّذِي يَأْتِي مِنَ السَّمَاءِ هُوَ فَوْقَ الْجَمِيعِ، وَمَا رَآهُ وَسَمِعَهُ بِهِ يَشْهَدُ» (يو3: 30-32).

ثانيًا: المسئولية الروحية: النمو فيها، وتجنُّب الجفاف الروحي:

المسئولية الروحية عن ذاتك تتلخص فيما قاله بولس الرسول:

(1) «لَيْسَ أَنِّي قَدْ نِلْتُ أَوْ صِرْتُ كَامِلاً، وَلكِنِّي أَسْعَى لَعَلِّي أُدْرِكُ الَّذِي لأَجْلِهِ أَدْرَكَنِي أَيْضًا الْمَسِيحُ يَسُوعُ» (في3: 12). نحن جميعنا في سعي دائم بل ونجري، كيما ندرك وننمو.. ولو شعرنا للحظة أننا قد صرنا كاملين يبدأ الجفاف الروحي..

(2) كيما نظل في حالة نمو دائم ينبغي أن نتذكر درس بولس الرسول لتيموثاوس أن يكون قدوة: «لاَ يَسْتَهِنْ أَحَدٌ بِحَدَاثَتِكَ، بَلْ كُنْ قُدْوَةً لِلْمُؤْمِنِينَ فِي الْكَلاَمِ، فِي التَّصَرُّفِ، فِي الْمَحَبَّةِ، فِي الرُّوحِ، فِي الإِيمَانِ، فِي الطَّهَارَةِ» (1تي4: 12).

وحتى ما يكون دائمًا قدوة، نصحه بولس الرسول بدوام ملاحظة تعليم نفسه: «لاَحِظْ نَفْسَكَ وَالتَّعْلِيمَ وَدَاوِمْ عَلَى ذلِكَ، لأَنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ هذَا، تُخَلِّصُ نَفْسَكَ وَالَّذِينَ يَسْمَعُونَكَ أَيْضًا» (1تي4: 16).

المثل القوي هنا هو مثل سلبي لأسقف لاودكية الذي فكّر بل وقال إنه غني وقد استغنى ويعلم كل شيء ولا يحتاج أي شيء.. لذا صار لا حارًّا ولا باردًا كما يقول الرائي: «وَاكْتُبْ إِلَى مَلاَكِ كَنِيسَةِ الّلاَوُدِكِيِّينَ:«هذَا يَقُولُهُ الآمِينُ، الشَّاهِدُ الأَمِينُ الصَّادِقُ، بَدَاءَةُ خَلِيقَةِ اللهِ: أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ، أَنَّكَ لَسْتَ بَارِدًا وَلاَ حَارًّا. لَيْتَكَ كُنْتَ بَارِدًا أَوْ حَارًّا! هكَذَا لأَنَّكَ فَاتِرٌ، وَلَسْتَ بَارِدًا وَلاَ حَارًّا، أَنَا مُزْمِعٌ أَنْ أَتَقَيَّأَكَ مِنْ فَمِي. لأَنَّكَ تَقُولُ: إِنِّي أَنَا غَنِيٌّ وَقَدِ اسْتَغْنَيْتُ، وَلاَ حَاجَةَ لِي إِلَى شَيْءٍ، وَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ أَنْتَ الشَّقِيُّ وَالْبَئِسُ وَفَقِيرٌ وَأَعْمَى وَعُرْيَانٌ» (رؤ3: 14-17).

ثالثًا: المسئولية الأبوية: لكل قطاعات الشعب

- الأبوة الروحية هي أن تلد أبناء في المسيح، وهذا هو تعريف الأبوة الروحية: «لأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَكُمْ رَبَوَاتٌ مِنَ الْمُرْشِدِينَ فِي الْمَسِيحِ، لكِنْ لَيْسَ آبَاءٌ كَثِيرُونَ. لأَنِّي أَنَا وَلَدْتُكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ بِالإِنْجِيلِ» (1كو4: 15).

- أمّا ممارسة الأبوة الروحية فهي متابعة الأبناء بالوعظ والتعليم والتشجيع، وعدم الملل في التحفيز للأبناء ليسلكوا كما يحق بالإنجيل: «كَمَا تَعْلَمُونَ كَيْفَ كُنَّا نَعِظُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ كَالأَبِ لأَوْلاَدِهِ، وَنُشَجِّعُكُمْ، وَنُشْهِدُكُمْ لِكَيْ تَسْلُكُوا كَمَا يَحِقُّ ِللهِ الَّذِي دَعَاكُمْ إِلَى مَلَكُوتِهِ وَمَجْدِهِ» (1تس2: 11-12)

(Encouraging, Comforting and Urging)

- وأخيرًا على الأسقف أن يكون أبًا للكل لأن الأبوة الروحية تشمل كل الشعب.. وبالتالي تحتاج كأسقف أن تتعامل مع كل ابن بالطريقة المناسبة له: «فَصِرْتُ لِلْيَهُودِ كَيَهُودِيٍّ لأَرْبَحَ الْيَهُودَ. وَلِلَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ كَأَنِّي تَحْتَ النَّامُوسِ لأَرْبَحَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ. وَلِلَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ كَأَنِّي بِلاَ نَامُوسٍ مَعَ أَنِّي لَسْتُ بِلاَ نَامُوسٍ ِللهِ، بَلْ تَحْتَ نَامُوسٍ لِلْمَسِيحِ لأَرْبَحَ الَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ. صِرْتُ لِلضُّعَفَاءِ كَضَعِيفٍ لأَرْبَحَ الضُّعَفَاءَ. صِرْتُ لِلْكُلِّ كُلَّ شَيْءٍ، لأُخَلِّصَ عَلَى كُلِّ حَال قَوْمًا» (1كو9: 20-22)

أمّا الانشغال عن الأبوة الحقيقية فينتج عنه مشكلة كبيرة وهي فقدان الأبناء.. يذهبون وراء آخر.. أيّ آخر يبدي لهم اهتمامًا بأحوالهم وقضاياهم.. انشغال داود عن الشعب أعطى الفرصة لـ"أبشالوم" لسرقة قلوب الشعب إذ كان أبشالوم يتواصل مع مَنْ يأتي لداود ويقول لهم: «انْظُرْ. أُمُورُكَ صَالِحَةٌ وَمُسْتَقِيمَةٌ، وَلكِنْ لَيْسَ مَنْ يَسْمَعُ لَكَ مِنْ قِبَلِ الْمَلِكِ» (2صم15: 3). وكانت النتيجة أن 200 من الشعب ساروا وراء أبشالوم ببساطة ودون تمييز: «وَانْطَلَقَ مَعَ أَبْشَالُومَ مِئَتَا رَجُل مِنْ أُورُشَلِيمَ قَدْ دُعُوا وَذَهَبُوا بِبَسَاطَةٍ، وَلَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ شَيْئًا» (2صم15: 11).

للحديث بقية


  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx