تختلف النفس الإنسانية من شخص إلى آخر بسبب ما يرثه الإنسان من مؤثرات، وما يحيط به من بيئات، وما يقابله من مصادمات وظروف. لذلك فللرب يسوع طرق مع النفوس تختلف بعدد بني البشر أنفسهم.
هناك أنواع مختلفة من الشباب، ولكل نوع احتياجاته الخاصة وأسلوب خدمته، فمثلًا:
1- هناك الشباب المستهتر البعيد عن بيت الله، وهذا يحتاج إلى كلمة حية تصدم استهتاره: «وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الضَّاحِكُونَ الآنَ لأَنَّكُمْ سَتَحْزَنُونَ وَتَبْكُونَ» (لو6: 25).
2- وهناك الشاب الخاضع لخطاياه، في إحساس بصغر النفس والمذلة، بروح يأس من التوبة والنقاوة، ويحتاج إلى بشارة الكلمة المفرحة عن النعمة المُخلِّصة لجميع الناس، مع تشجيع في الجهاد وتركيز لأنظاره نحو المسيح هدف الجهاد، ووسيلته، ليخرج الشاب من انحصاره في ذاته، واعتماده على نفسه، ويوجه قلبه بحب وثقة نحو المسيح كغاية حقيقية، والوجود في حضرته كهدف دائم، فينشغل بالمسيح عن نفسه وعن خطاياه.
3- وهناك الشاب المنتظم في الكنيسة وفي كثير من الممارسات الروحية دون أن يحيا المسيحية في عمقها، ودون أن يسلّم داخله للمسيح، وهذا يحتاج إلى بذرة حياة توضع في أعماقه، مع زلزلة تهز استكانته الخطيرة، لتدفعه نحو توبة صادقة وتعمق سليم، وتغيير حقيقي.
4- وهناك الشباب السائر في طريق الرب بقلب مخلص، ويحتاج إلى دفعات بسيطة وضوابط. ولكن اقتحام الخادم لنفسه الحلوة كموجّه وقائد، مستخدمًا تأثيراته الشخصية أو العاطفية دون تكليف إلهي وقيادة سماوية، قد يوقف نمو الشاب ويطرده إلى خارج دائرة المسيح. وقد يخلق من الشاب "قديسًا متكبرًا" يسقط سريعًا فريسة الضربات اليمينية.
5- وهناك الشاب الموسوس الذي يسأل كثيرًا، ويعتمد على تداريبه وجهاده، ويدقق فيها بصورة مريضة، ويتساءل بإستمرار عن التصرف السليم في تفصيلات بسيطة في الكلام والمعاملات والعلاقات. وهو يحتاج إلى كلمة حية تخرجه من نفسه كوسيلة وصول، ومن ذاته كصنم معبود، ليقبل أن يخطئ ويتعلم، ويُساء فهمه ويُهان، ويعرف ضعفه إذ يضيع وقاره المصطنع، لينطلق في طريق المسيح بأمانة كاملة لشخصه، وتنفيذ دقيق لوصاياه، بلا شكوك وتصورات ووسوسة، بل بأمان ويقين وبهجة، مبعثها نور المسيح الداخلي، وصوت الروح الواضح كمرشد وموجه وتدبير أب روحي، مع قلب موحد في إتجاه المسيح، لا يطلب لنفسه شيئًا، ولكن الدخول الخاطئ إلى هذه النفس قد يربكها كثيرًا، فتتصور حديثنا عن حرية مجد أولاد الله فرصة للجسد والتهاون..
لذلك فمع أن العمل الفردي هام وجوهري في الخدمة بسبب الفروق بين الأفراد، إلا أنه سيف ذو حدين، إذ يمكن أن يتحول بين أيدينا إلى أضرار بالنفوس. لهذا يحتاج الخادم إلى نعمة خاصة في الخدمة الفردية مع حكمة لتوجيه النفوس «وَرَابِحُ النُّفُوسِ حَكِيمٌ» (أم11: 30).