اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 5026 أغسطس 2022 - 20 مسرى 1738 ش     العدد كـــ PDFالعدد 31-32

اخر عدد

"العُوكَسة"

قداسة البابا تواضروس الثانى

26 أغسطس 2022 - 20 مسرى 1738 ش

"العُوكَسة" تعبير شعبي قديم استخدمه الآباء الرهبان الشيوخ دلالة على الذين يسيرون في حياتهم بطريقه معاكسة عن جادة الصواب واليقين. وكذلك استخدموه إشارة إلى محاربات الشياطين التي تعوق مسيرة الإنسان الروحي السائر في طريق الله.

وهذا التعبير مشتق من الفعل "عكس" أو ضد against opposite /. وهو في معناه العام يشير إلى طائفة من الناس تقف عكس الآخرين شرًا وحسدًا وكذبًا، ويمكن أن تتواجد هذه الطائفة في أي عصر وأي زمان مثلما كانت في زمان السيد المسيح متمثلة في الكتبة والفريسيين، حيث خصص القديس متى الرسول الأصحاح 23 من بشارته والمشهور بأنه "أصحاح الويلات"، والذي جمع فيه أقوال السيد المسيح التي تصف سلوكيات هؤلاء وآثارهم السلبية والمحبطة في مجتمعاتهم، وكيف أنهم يستحقّون الويل تلو الويل، بل ويصفهم بأنهم الحيات أولاد الأفاعي (متى 23: 33)، وكيف أن مصيرهم جهنم ودينونتهم النار.

ويصفهم القديس بولس الرسول حين يتحدث عن موكب النصرة «... لأننا رائحة المسيح الذكية لله في الذين يخلصون، وفي الذين يهلكون. لهؤلاء رائحة موت لموت ولأولئك رائحة حياة لحياة» (2كو2: 15).

وفي رسالته الثانية إلى تلميذه المحبوب تيموثاوس، يصف القديس بولس الرسول بألفاظ شديدة وحادة سمات أناس الأزمنة الأخيرة بأنهم يقاومون الحق، وهم أناس فاسدة أذهانهم، ومن جهة الإيمان مرفوضون (2تيمو3: 8)، وسيكون وقت لا يحتملون فيه التعليم الصحيح... وينحرفون إلى الخرافات. (2تيمو4:4).

ومنذ حوالي ثلاثين عامًا بدأ الانتشار التدريجي لشبكه المعلومات الدولية المعروفة بـ"الانترنت internet"، والتي تُسمّى كثيرًا "الشبكة العنكبوتية"، والتي غزت العالم وجعلته افتراضيًا متواصلًا بصورة لم يشهدها البشر من قبل، بينما وجد هؤلاء العوكسة مجالًا فسيحًا للعمل لحساب إبليس الشيطان كما نعبّر عن ذلك في صلاة الشكر قائلين: "كل حسد، كل تجربة، كل فعل الشيطان، مؤامرات الناس الأشرار، قيام الأعداء الخفيين والظاهرين، انزعها عنّا وعن سائر شعبك عن موضوعك المقدس هذا...". واضح أن الشيطان يستخدم أناسًا يُصيّرهم أشرارًا حيث يسلّمون إرادتهم ليد الشيطان -دون أن يدروا وقد يدرون أنهم فعلوا ذلك ولكن بعد فوات الأوان- ويصيروا أبواقًا لأكاذيبه وخداعاته تحت مسميات النقد البنّاء والإصلاح المنشود وإهانة الرموز وتحقير الأشخاص بالذمّ والهدم والوهم والتشهير.

والشيطان هو الكائن الذي يتهم الناس بلا رحمة أمام منبر الله ويقف في طريقهم كما نقرأ في تجربه أيوب الصديق (أيوب 1: 6–2: 7)، وفي سفر أخبار الأيام الأول (21: 1) اُستُعمِلت الكلمة للمرة الأولى بدون أداة التعريف "شيطان" كاسم علم تدل على "المُجرِّب"، وصار الشيطان مصدرًا لكل شر حيث يُبلبل علاقه الله مع شعبه ويدفع الناس إلى الخطية ويعرقل مسيرتهم الروحية والخلاصية، وفي مفهوم الكتاب المقدس هو رئيس الملائكة الساقطين أو المتمرّدين الكذاب أبو الكذاب، وقد أُطلِق عليه ألفاظ أو تسميات مثل: إبليس – بليعال – بعل زبوب - سيد هذا العالم (يوحنا 14: 30) – الشرير (متى 13: 19) – العدو (متى 13: 39) - المجرِّب - مُلهِم عبادة الأوثان والسحر (أع13: 10) - الحية (2كو11: 3) - سلطان الظلام - المسيح الدجّال أو ضد المسيح (2تس2: 9).

لقد صار العالم افتراضيًا وليس حقيقيًا، وفقد الحق والحقيقة، وصار في الضياع ودوامات الكلام. ويقول أحد الآباء: "الشيء الأكثر إزعاجًا في الحياة الآن هو أن الشخص الصادق يخسر دائمًا صراع الكلمات لأنه مقيّد بالحقيقة، بينما الشخص الكاذب يمكنه أن يقول أي شيء".

وكما أن الأواني الفارغة تحدث ضجة أكثر من الأواني الممتلئة، كذلك البشر لا يحدث ضجة إلّا ذوي العقول الفارغة.

والنصيحة التي يقدمها الحكماء: "لا تضيّع وقتك في المجادلة معهم". أو كما قال فولتير الفيلسوف الفرنسي: "يصعب تحرير الحمقى من الأغلال التي يقدسونها".

ويمكن أن نصف هؤلاء العوكسة أو الناس الأشرار على مواقع الشبكة العنكبوتية بالعبارات التالية:

+ هم أصحاب اللسان اللاذع والذين لا يعرفون احترامًا ولا توقيرًا لأحد...

+ سعادتهم في إيذاء الآخرين ورميهم بأفظع الألفاظ، حيث لا يرون سوى ذواتهم وأنانيتهم ولا يهم الآخرين.

+ طبعهم الغالب هو الإدانة واتهام الآخرين والتسلي بالفضائح دون تقدير للنتائج.

+ هم القائلون للشرّ خيرًا وللخير شرًا، الجاعلون الظلام نورًا والنور ظلامًا، الجاعلون المُرّ حلوًا والحلو مُرًّا. (إش5: 20).

+ جهلهم بحقائق الأمور يشيع المذمّة والفرقة في قلوب الآخرين وفي حياة المجتمعات الآمنة.

+ ينشرون اليأس والإحباط باحتقار الأشخاص والرموز والكيانات، ويعتبرون ذلك شجاعة وبطولة وامتيازًا.

+ هم أصحاب دوامات التشكيك بالغش والانتقاد والحقد والكذب، ولا يعرفون حدودًا في عقولهم أو توبة في قلوبهم.

الخلاصة أنهم يخلطون الخطية بالفضيلة والحق بالباطل، وذات يوم طلبوا باراباس المجرم وصلبوا المسيح الحق!!

صديقي: احذر أن تكون واحدًا منهم...

فاليوم لك وغدًا لا تدري لمن يكون...!!




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx