قال معلمنا بولس الرسول: «أَنَا أَيْضًا أُرْضِي الْجَمِيعَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، غَيْرَ طَالِبٍ مَا يُوَافِقُ نَفْسِي، بَلِ الْكَثِيرِينَ، لِكَيْ يَخْلُصُوا، كُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِي كَمَا أَنَا أَيْضًا بِالْمَسِيحِ» (1كو10: 33).
كان السيد المسيح له المجد يبغي من وراء خدمته أن الكل يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون (1تي2: 4).
لذلك كان يتعب في خدمته من أجل راحة الآخرين كان يجول ماشيًا على قدميه هو وتلاميذ في كل بلاد اليهودية من شمالها إلى جنوبها يصنع خيرًا ويشفي جميع المتسلط عليهم إبليس، يعظهم ويشفي مرضاهم ويُعد لهم موائد الأغابي المشبعة، لقد كان يهتم بالناس جسديًا وروحيًا. يهتم بكل إنسان وبكل الإنسان، إلى جانب هذا يتحمل نقدهم ومضايقاتهم له ولتلاميذه، يتعب هو ليستريح الناس. يعمل ما يوافقهم وليس ما يوافق نفسه.
بولس الرسول الخادم الأمين تعلم من سيده شروط الخدمة والرعاية الناجحة والتعب من أجل الآخرين فيقول: «مِنْ أُورُشَلِيمَ وَمَا حَوْلَهَا إِلَى إِللِّيرِيكُونَ (يوغسلافيا في أوربا)، قَدْ أَكْمَلْتُ التَّبْشِيرَ بِإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ» (رو15: 19).
وفي كل خدمته الواسعة كان غرضه مجد الله وخلاص النفوس لم ينظر إلى راحته الشخصية بل مجد الله وراحة الناس وربحهم للمسيح فيقول: «إذ كنت حرًا من الجميع، استعبدتُ نفسي للجميع (أي خدمهم في اتضاع وانسحاق كأنه عبد لهم اشتروه بأموالهم)»، لماذا هذا كله؟ يقول: «لأربح الأكثرين للمسيح» بالمعاملة الطيبة والمحبة الصادقة والاهتمام الأمين.
ويكمل معلمنا بولس فيقول: صرتُ لليهود كيهودي، أي أحترم شريعتهم ولا أهاجمها مع الاحتفاظ بإيماني بالمسيح. لماذا؟ يقول: لأربح اليهود. وللذين تحت الناموس (من الأمم المتهوِّدين حديثًا) كأني مثلهم مبتدئ في الإيمان، لأربح الذين تحت الناموس. وللذين بلا ناموس مكتوب بل الناموسي الطبيعي في الإنسان وهو الضمير صوت الله في الإنسان، عاملتهم حسب مستواهم البسيط فيما لا يتعارض مع إيماني بالمسيح لأني لست بلا ناموس بل تحت ناموس المسيح لأربح الذين بلا ناموس، صرت للضعفاء في الإيمان كإني ضعيف مع الاحتفاظ بإيماني وعقيدتي لأربح الضعفاء للمسيح وأجذبهم إلى فوق إلى الإيمان بالمسيح.
وبالجملة: صرت للكل كل شيء، عاملت كل فئة حسب مستواها مع الاحتفلظ بإيماني ومبادئي دون الوقوع في أخطائهم أو اعتناق مبادئهم الفاسدة، بل غرضي الوحيد أن أربح على كل حال قومًا (1كو9: 19-22)، وأن أجذب الجميع للإيمان بالمسيح وللسلوك المسيحي القويم وصولًا لخلاص نفوسهم ووصولهم للأبدية السعيدة في ملكوت السموات.
ثم يناشد كل خادم وكل راعِ أن يحذو حذوه في خدمته ورعايته الناجحة فيقول: «كُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِي كَمَا أَنَا أَيْضًا بِالْمَسِيحِ» (1كو11: 1).