أولا: المقصود بقوانين الإيمان الأولى هو القوانين المكانية، والتي كانت الكنائس العديدة تستخدمها محليًا قبل قانون إيمان مجمع نيقية.
ثانيًا: الإجابة على هذا السؤال هي نعم بكل تأكيد، فهذه القوانين كلها تضمّنت عقيدة التوحيد والتثليث، وها بعضها:
قانون إيمان الآباء الرسل (روما - القرن الأول): "أؤمن بالله ضابط الكل، خالق السماء والأرض، وبيسوع المسيح ابنه الوحيد ربنا، الذي حُبِل به بواسطة الروح القدس. وُلِد من العذراء مريم. تألم في عهد بيلاطس البنطي. صُلب ومات ودُفِن ونزل إلى الجحيم. وفي اليوم الثالث قام من الأموات. صعد إلى السموات وجلس عن يمين الله الآب ضابط الكل، ثم يأتي ليدين الأحياء والأموات. (وأؤمن) بالروح القدس، وبالكنيسة المقدسة الجامعة وشركة القديسين، وغفران الخطايا، وقيامة الجسد، والحياة الأبدية".
قانون الإيمان للقديس ايريناؤس (بلاد الغال 170م): "نؤمن بإله واحد الآب ضابط الكل، خالق السماء والأرض والبحر وكل ما فيها. وبيسوع المسيح الواحد ابن الله (ربنا)، الذي صار جسدًا (من العذراء) لأجل خلاصنا، وآلامه في عهد بيلاطس البنطي وقيامته من الأموات، وصعوده إلى السموات جسديًا، ومجيئه من السموات في مجد الآب لكي يضم كل الأشياء في رأس واحد ويجري حكمًا عادلًا على الجميع، ونؤمن بالروح القدس، وأن المسيح سيأتي من السموات ليقيم كل جسد وليدين الأشرار والظالمين في نار الأبدية، ويعطي المستقيمين والقديسين خلودًا ومجدًا أبديًا".
قانون ترتليان (شمال أفريقيا 200 م): "نؤمن بإله واحد خالق العالم الذي أوجد الكل من العدم، وبالكلمة ابنه يسوع المسيح، الذي نزل إلى العذراء مريم خلال روح الله الآب وقوته، وصار جسدًا في أحشائها ووُلِد منها، وثُبِّت على الصليب في عهد بيلاطس البنطي، مات ودُفِن، قام في اليوم الثالث، ورُفِع إلى السموات وجلس عن يمين الله الآب، سيأتي ليدين الأحياء والأموات، ونؤمن بالروح القدس الباراقليط المقدس مُرسَلًا من عند الآب بواسطة المسيح، وأن المسيح سيتقبل قديسيه بعد استعادة الجسد، وفي متعة الحياة الأبدية ومواعيد السماء ويدين الأشرار بنار الأبدية".
قانون الإيمان للقديس كبريانوس (قرطاجنة250م): "نؤمن بالله الآب، وبابنه المسيح، وبالروح القدس، ونؤمن بغفران الخطايا، والحياة الأبدية خلال الكنيسة المقدسة".
قانون القديس نوفاتيان (روما 250 م): "نؤمن بالله الآب الرب ضابط الكل، وبابن الله يسوع المسيح الله ربنا، وبالروح القدس (الموعود به منذ القديم للكنيسة وأُعطِي في الوقت المعين والمناسب)".
قانون العلامة أوريجانوس (الإسكندرية 250 م): "نؤمن بإله واحد الذي خلق وأوجد كل شيء، الذي في آخر الأيام أرسل ربنا يسوع المسيح مولودًا من الآب قبل كل الخليقة، مولودًا من العذراء والروح القدس، تجسد وهو لا يزال إلهًا، تألم حقًا ومات، وقام من الأموات، ورُفِع، ونؤمن بالروح القدس متحدًا في كرامة وجلال مع الآب والابن".
قانون الإيمان للقديس غريغوريوس (قيصرية الجديدة 270 م): "نؤمن بالله الآب، وبرب واحد، إله من إله، صورة وهيئة اللاهوت، الحكمة والقدرة التي أوجدت كل الخليقة، الابن الحقيقي للآب الحقيقي، ونؤمن بروح قدس واحد، خادم التقديس، فيه يُعلَن الله الآب، الذي فوق كل الأشياء، ويُعلَن الله الابن الذي هو خلال كل الأشياء ثالوث كامل، غير منقسم ولا مختلف في المجد، والأبدية، والسلطان".
ونلاحظ في هذه القوانين أنها:
- قديمة جدًا إذ يرجع أحدها إلى القرن الأول الميلادي، وترجع كلها إلى الثلاثة قرون الأولى للمسيحية.
- أنها من أماكن مختلفة من ثلاث قارات العالم القديم.
- أنها تُجمع كلها على عقيدة التوحيد والتثليث بحسب عقيدتنا اليوم.
وهكذا نستطيع أن نقول بكل يقين إن قوانين الإيمان الأولى قد أقرّت عقيدة التوحيد والتثليث، فهي ليست إذًا من اختراع مجمع نيقية أو من وضع آباء القرن الرابع الميلادي، بل هي عقيدة راسخة منذ نشأة المسيحية.