اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 5026 أغسطس 2022 - 20 مسرى 1738 ش     العدد كـــ PDFالعدد 31-32

اخر عدد

تمَاسُك الأسرة (*)

المتنيح الأنبا أثناسيوس مطران بني سويف والبهنسا

26 أغسطس 2022 - 20 مسرى 1738 ش

الأسرة كأصابع اليد، لكل منها شكل مرتبطة ارتباطًا قويًا إذا انفك لم تعد يدًا. فلكل فرد في الأسرة صفات وشخصية، غير أن رباطًا ثابتًا يربطها، فتحيا وتؤدي دورها في جسد البشرية كما تؤدي اليد دورها في جسد الفرد.

ولا يقوم سلام الأسرة على صفة واحدة، ولو كانت العقيدة الدينية. بل هناك صفات روحية وأخرى جسدية. ومن المهم أن يدرك الناس الفرق بين النوعين. فقد يكون هناك خلاف في أسلوب معالجة أمر ما كالإنفاق، أو ألوان دهان الحوائط، أو مفارش الأسرّة، أو الملابس، أو المآكل، وهذه أمور بسيطة. وهناك أمور أهم منها إذ قد تكون هناك فروق في أنواع القراءات، أو معاملة الأبناء أو الأقارب أو المعارف. وكل هذه نواحٍ اجتماعية ومادية تُعالج بما يناسبها.

أما الخطأ الأساسي الذي يقع فيه بعض المؤمنين فهو أن ينسبوا كل تصرف إلى صفة روحية. كأن يعتبروا عدم المحبة سببًا للخلاف. وكلما كان هنا أمر يحتاج نقاشًا، يقول أحد الأطراف إن المحبة وحدها تحل ذلك! ونضع خطًا تحت كلمة "وحدها".

فالمحبة عامل أساسي في تنازل طرف عن رأيه، أو اتفاق الطرفين على شكل معالجة الموضوع. ولكن الاقتناع العقلي عنصر هام. والإحساس بالشخصية، وحريتها في الكلام وإبداء الرأي واتخاذ القرار، أمر يزيد المحبة، ويزيل من النفس الضيق.

فنسبة كل أمر إلى المحبة أو الكراهية، أو عدم الطاعة، أو الإيمان أو نقصه، أو غير ذلك من الصفات الروحية، دون إرجاع الأمور إلى طبائعها، أسلوب فيه خلط كبير.

وهناك خطان يجب ملاحظتهما في فهم الأمور والحالة الجسدية والصحية.. ولنأخذ مثلًا عن الأول:

نزلت الأسرة إلى السوق لشراء ملابس العيد للأبناء. ولم تستعد لذلك بعرض الميزانية التي يتصرفون في نطاقها على الجميع بما فيهم الأبناء.. ولم يضع كل من الأولاد تصورًا لما تسمح به الميزانية. وقد تخطئ الأسرة في تصوير أناقة الابن في الملابس الجديدة، ووجوده بين الأقارب، وما يقولون له إلى غير ذلك..

فلو أعد الوالدان الأبناء لعملية الشراء بتحديد مبلغ، وتحددت الملابس القديمة القابلة للتنظيف، وتصور الأبناء الأطفال الفقراء الذين من حقهم أن يفرحوا بالعيد.. وساهم كل منهم لأبناء الأسرة الفقيرة المجاورة ببعض الملابس، ونزلوا بعد ذلك إلى السوق، واختلفوا على شراء شيء مكلف أراده أحد الأبناء، كان من السهل الاتفاق على تنازله أو تنازل أخيه عن طلب شراء غالي الثمن.. إلى ذلك.

وليس هذا الإعداد أسلوبًا قائمًا على المحبة، والنظر إلى الواقع، وعدم التشبث، وغير ذلك من الصفات الاجتماعية التي لا تلغيها العقيدة أو المحبة. بل قد يسهم هذا الأسلوب الاجتماعي في تقوية السلام والمحبة والارتياح النفسي ونضج الشخصية.

ومن الغريب أننا نصادف بعض الأزمات الأسرية بين أفراد متقدمين في المعرفة الدينية. ويكون سببها فقدان الروح التي يتميز بها اللاعبون في الرياضات الجسدية واسمها الروح الرياضية. فالانتصار والهزيمة في الروح الرياضية لا يتسببان في نقص المحبة. وإن حدث غير ذلك فهناك نقص في هذه الروح. أما الناضجون في السلوك الرياضي فهم أصدقاء قبل وبعد المباريات، وأسر متحابة.

فإن حدث في الأسرة الموصوفة بالتدين اختلافات في الآراء ونسبت جميعها للفضائل أو الرذائل، فهذا وصف خاطئ لها يعطل إصلاحها، ويفقد الحياة الروحية.

الحالة الصحية:

وقد يعاني أحد أفراد الأسرة من قلق او اضطراب مزاجي، يظهر في مواقف عصيبة وخلافات مع الغير. وقد يعامله الآخرون على أنه مقصر في علاقاته مع الله، ويطلبون منه أصوامًا خاصة أو أداء ميطانيات واعتذارات للغير، وغيرها من الممارسات الروحية. ثم يكتشف فجأة أنه يعاني من اضطراب في الغدد، أو زيادة في السكر، أو غير ذلك من الأمراض التي يتسبب عنها السلوك ويبدأ علاجه. وكم من أناس استراحت نفوسهم وأسرهم حين وصلوا إلى نوع الضعف روحي هو أم اجتماعي أم جسمي.

فعلى الأسرة أن تتدارس أمورها جيدًا بروح الإخاء والتعقل، وترجع كل أمر إلى جذوره الحقيقية.

(*) نُشرت بمجلة الكرازة – السنة الثامنة والعشرون – العدد 15 و16 - 21 أبريل 2000 – صـ7




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx