اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 5023 سبتمبر 2022 - 13 توت 1739 ش     العدد كـــ PDFالعدد 35-36

اخر عدد

رسالة إلى الأغنياء

القمص يوحنا نصيف كاهن كنيسة السيدة العذراء شيكاغو

23 سبتمبر 2022 - 13 توت 1739 ش

في تعليق القدّيس كيرلس الكبير على حديث السيّد المسيح، في (لو12: 32-34)، عن أنّه يلزمنا أن نصنع لنا كنوزًا لا تفنى في السماء.. يقول:

+ نتعلّم من كلمات المخلِّص، الوسائل التي نَصِل بواسطتها إلى الملكوت، لأنّه يقول: "بيعوا ما لكم وأعطوا صدَقة". هذه ربّما تكون وصيّة قاسية، ويَصعُب على الأغنياء أن يحتملوها.. اسمحوا لي أن أوجِّه كلمات قليلة لأولئك الأغنياء:

+ حوِّل انتباهك قليلاً عن تلك الأمور الزمنيّة. كُفّ عن مِثل هذا الفكر الدنيوي جدًّا، وثَبِّتْ عين عقلك على العالم الآتي فيما بعد، لأنّه بلا نهاية. أمّا هذا العالم فهو محدود وزمنه قصير، وفترة حياة كلّ فرد هنا محدودة بمقياس، أمّا حياته في العالم الآتي فهي غير فانية، بل هي دائمة. لذلك فليكُن سعينا هو الجري وراء الأمور الآتية، بلا تذبذُب أو تردُّد، ولنختزن ككنز لنا، الرجاء فيما سيكون بعد. فلنجمع لأنفسنا مُقدَّمًا تلك الأمور، التي بواسطتها سنُحسَب عندئذ جديرين بالهِبات التي يمنحها الله لنا.

+ عندما يكون هناك بيت جميل جدًّا في بنائه، فإنّ واحدًا منكم -الذي يملك كثيرًا من الذهب ووفرة من الفضّة- تكون له الرغبة في شرائه، أفلا يشعر بالسعادة عندما يشتريه، ويُقَدِّم في الحال النقود التي كانت موضوعة في خزائنه، بل وقد يضيف إلى ما يمتلكه نقودًا أخرى يقترضها؟ لا أظنّ أنّه يمكن أن يكون هناك شكّ في هذا الأمر، بل سوف يشعر بالسعادة في تقديم أمواله، لأنّ الصفقة لن تعرِّضه للخسارة، بل بالحريّ فإنّ توقُّعه للأرباح المستقبليّة ستجعله في نشوة فرح.

+ الآن فإنّ ما أقوله هو مشابه لهذا إلى حدٍّ ما. فإله الكلّ يقدِّم لك الفردوس لتشتريه، وهناك سوف تحصُد حياة أبديّة، وفرحًا لا نهايةَ له، ومسكنًا مكرّمًا ومجيدًا، ولمجرّد وجودك هناك سوف تكون مباركًا بحقّ، وسوف تملك مع المسيح. لذلك تعالَ واقترب، بحماسٍ واشتياق، واشترِ المملكة، واحصل على الأمور الأبديّة بهذه الأشياء الأرضيّة.

أعطِ ما هو فانٍ، واربح ما هو ثابت ومضمون.

أعطِ هذه الأشياء الأرضيّة، واربح تلك التي في السماء.

أعطِ ما لا بد أن تتركه، ولو كان ضدّ إرادتك، لكي لا تفقد الأمور الآتية.

أقرِض الله أموالك، حتّى تكون غنيًّا بالحقيقة.

+ بجانب هذا، هو أمر سخيف جدًّا، أنّه بينما نحن نأتمن عادةً الأشخاص المستقيمين على ثروتنا الأرضيّة، ولا نشعر بالخوف من أيّ خسارة، نتيجة ثقتنا في استقامة أولئك الذين استلموها مِنّا، فإنّنا لا نأتمن الله عليها، وهو الذي يستلم مِنّا هذه الأمور الأرضيّة، كأنّها قرضٌ، وهو يَعِدُنا أنّه سوف يعطينا أمورًا أبديّة مُضافة إليها الأرباح..!

+ كُن رقيقًا، ورحيمًا، وراغبًا في التواصُل مع الآخَرين، وبشوشًا.. كُن صديقًا لرفقائك، رحومًا بهم.. هذه هي الأشياء التي إن مارسناها بجدّيّة، فسوف نصير ورثةً لملكوت السموات، بالمسيح يسوع..

[عن تفسير إنجيل لوقا للقدّيس كيرلّس السكندري (عظة 91) - إصدار المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائيّة - ترجمة الدكتور نصحي عبد الشهيد]




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx