مفهوم الصلاح في الأسرة:

يظن البعض أنه طالما تزوج فقد خرج من دائرة القداسة، ولكن القديس بولس يقول: «لِيَكُنِ الزِّوَاجُ مُكَرَّمًا عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ، وَالْمَضْجَعُ غَيْرَ نَجِسٍ» (عب13: 4)، ولذلك فباب الصلاح والقداسة مفتوح أمام كل زوجين، ولكن كيف يتحقق؟

1) تكوين كنيسة البيت:

ليتم قول يشوع بن نون «أَمَّا أَنَا وَبَيْتِي فَنَعْبُدُ الرَّبَّ» (يش24: 15). يمكن تخصيص مكان معين في المنزل للصلاة الجماعية وقراءة الكتاب المقدس الجماعية، وهكذا يكون المذبح العائلي (كنيسة البيت).

2) تنفيذ الوصايا:

قال الإنجيل عن زكريا وأليصابات: «وَكَانَا كِلاَهُمَا بَارَّيْنِ أَمَامَ اللهِ، سَالِكَيْنِ فِي جَمِيعِ وَصَايَا الرَّبِّ وَأَحْكَامِهِ بِلاَ لَوْمٍ» (لو1: 6). هذه هي الحياة الصالحة أن يتحول الكتاب المقدس إلى سلوك عملي.

3) حسن تربية الأولاد:

الصلاح يشمل كل من في البيت، لذلك يجب:

أ- توفير القدوة الصالحة في البيت (الصلاة – الكتاب المقدس – الصوم – الاعتراف – التناول – الاجتماعات..).

ب- توفير جو المحبة والسلام في البيت.

جـ- ارتباط الأولاد روحيًا بالكنيسة عن طريق مدارس الأحد.

د– اهتمام الوالدين بنفوس أبنائهم.

هـ- تكوين عادات روحية في الأبناء.

ز- تنمية روح التعاون والخدمة والاتضاع حتى تنشأ الشخصية الجماعية.

ح– التفاهم والحوار وتنمية روح الصداقة والمودة مع الأبناء.

عوامل مساعدة لتحقيق الصلاح في الأسرة:

1) الشركة الحية مع الرب يسوع: لا يوجد صلاح إلّا من خلال شركتنا مع الرب يسوع، وكل فتور في هذه الشركة مع الرب هو رجوع وارتداد من الصلاح إلى الشر، فهو الذي قال: «بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا» (يو15: 5).

2) العضوية العاملة في الكنيسة: إن سر الصلاح في الأسرة يكون من خلال عمل الروح القدس في كل أفراد الأسرة، والروح القدس يعمل خلال الكنيسة، لذلك يجب أن تكون هناك شركة عاملة مع أسرار الكنيسة على النحو التالي: 

أ) وجود أب اعتراف مشترك لكل أفراد الأسرة.

ب) اشتراك كل أفراد الأسرة معًا في التناول.

جـ) الانتظام في الاجتماعات الروحية.

د) الاشتراك في الخدمة.

3) الصداقة مع القديسين: القديسون هم القدوة والمثل الأعلى في الصلاح، وكل من يريد حياة الصلاح يتعلم منهم «اُذْكُرُوا مُرْشِدِيكُمُ الَّذِينَ كَلَّمُوكُمْ بِكَلِمَةِ اللهِ. انْظُرُوا إلى نِهَايَةِ سِيرَتِهِمْ فَتَمَثَّلُوا بِإِيمَانِهِمْ» (عب13: 7).

4) القلب الواحد والفكر الواحد: «وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا» (أف5: 31)، «مُجْتَهِدِينَ أَنْ تَحْفَظُوا وَحْدَانِيَّةَ الرُّوحِ بِرِبَاطِ السَّلاَمِ» (أف4: 3)، والوصول إلى ذلك يتطلّب: (أ) وجود روح التفاهم بين كل أفراد الأسرة. (ب) سعي كل طرف لإرضاء الطرف الآخر. (جـ) البُعد عن كل ما يسيء ويتعب الطرف الآخر. (د) الاتضاع.

5) ثمار الروح القدس: إننا نصلي أن يسكب الله ثمار الروح القدس -التي قال عنها القديس بولس الرسول-على المتزوجين:

أ) المحبة: رباط الكمال، ولا صلاح بدونها فهو الله، وقد أوصى القديس بولس (البولس في صلاة الاكليل) «أَيُّهَا الرِّجَالُ، أَحِبُّوا نِسَاءَكُمْ كَمَا أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضًا الْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا لِكَيْ يُقَدِّسَهَا، مُطَهِّرًا إِيَّاهَا بِغَسْلِ الْمَاءِ بِالْكَلِمَةِ،لِكَيْ يُحْضِرَهَا لِنَفْسِهِ كَنِيسَةً مَجِيدَةً، لاَ دَنَسَ فِيهَا وَلاَ غَضْنَ أَوْ شَيْءٌ مِنْ مِثْلِ ذلِكَ، بَلْ تَكُونُ مُقَدَّسَةً وَبِلاَ عَيْبٍ كَذلِكَ يَجِبُ عَلَى الرِّجَالِ أَنْ يُحِبُّوا نِسَاءَهُمْ كَأَجْسَادِهِمْ. مَنْ يُحِبُّ امْرَأَتَهُ يُحِبُّ نَفْسَهُ» (أف5).

ب) الفرح: هو ثمر الروح العامل في الحياة الزوجية المحاطة بالمحبة الحقيقية، والبُعد عن كل ما يكدّر صفو الأسرة وفرحها.

جـ) السلام: علامة وجود المسيح في البيت الصالح هو امتلاء هذا البيت وكل من فيه بالسلام «مجتهدين أن تحفظوا وحدانية الروح برباط السلام» (أف 4:3)

د) طول الأناة: هي النضج الروحي في المعاملات بين الزوجين، وكيف يبعد كل طرف عن الغضب والانفعال والصوت العالي، واحتمال أي طرف لعيوب الطرف الآخر.

هـ) اللطف: في الكلام وفي الأسلوب وفي التصرفات بين كل أطراف الأسرة.

و) الصلاح: يتجسم في تنفيذ وصايا المسيح وخصوصًا وصية العطاء بكرم «أعطوا تُعطَوا».

ز) الإيمان: بقدرة الله على حل المشاكل.

حـ) الوداعة: هي عدم الانفعال تجاه المشاكل أو الأشخاص مهما كانت الظروف.

ط) التعفف: هو حياة الرضا والقناعة والشكر التي يجب أن نمارسها.