اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 5021 أكتوبر 2022 - 11 بابه 1739 ش     العدد كـــ PDFالعدد 39-40

اخر عدد

من هو اللاهوتي؟

القمص بنيامين المحرقي

21 أكتوبر 2022 - 11 بابه 1739 ش

بمناسبة بدء العام الدراسي في كلياتنا ومعاهدنا اللاهوتية، أقدم لك عزيزي القارئ، معنى لكلمة [لاهوتي θεολόγοις] وهو ما يُسمَّى به الشخص الذي يتكلم في اللاهوت أو الشخص الدارس للاهوت.

اللاهوتي شخص ممتلئ من الروح القدس: يطلق العلاَّمة أوريجانوس لفظ "لاهوتي" على الشخص الذي يتكلم عن الله وهم ممتلئ من الروح القدس ... مثل موسى وبقية الأنبياء عمومًا، وقد استخدِم القديس ديديموس بشكل كبير الألفاظ "لاهوتي ولاهوت" مُعتبِرًا أنَّ اللاهوتيين هم عادة كُتَّاب العهدين القديم والجديد، فيُسمِّي هؤلاء لاهوتيين: كُتَّاب المزامير، وبطرس، ويعقوب وخصوصًا تلميذ المحبة القديس يوحنا الذي أعلن اللوغُوس ووحدانِيِة جوهره مع الأُقنومين الآخرين في الثَّالوث القدوس، ويُصف القديس يوحنا الحبيب بأنه [العظيم وسط اللاهوتيين Ò πολύς έν θεολόγοις]، ومن ثمَّ يتبع القديس ديديموس نهج القديس أثناسيوس الرسولي في اعتبار كُتَّاب العهدين لاهوتيين.

ونظرة إلى منهج (ميثودولوچية) القديس ديديموس في اللاهوت، نجد أن الثيولوچيا ليست موضوع دراسة خارجية، بل اللاهوت هو رؤية شخصية داخليةinner personal vision، ويستعين ديديموس بقول الله في إشعياء: «رُؤوس شُهوركم وأعيادكم بَغَضَتْهَا نفسي» (إش1: 14) لكي يُدلِّل على هذه النقطة، ويُؤكِد أنَّ اللاهوت لا يمكن أن يُعرف بدون الاشتراك الدَّاخلي العميق، وأنَّ الدِيانة ليست كافية (أو مُكتمِلة) إن كانت تفتقِد المعرِفة الحقيقية لله. وبعبارة أخرى فإنَّ اللاهوت ليس نِتاج الدين، بل هو مُتصِل بأكمل معرِفة عن الله. وقد وضع ديديموس عِلمه اللاهوتي المُؤسس على حياة نُسكية مُستنيرة بمعرفة الله، في خدمة قضية الخلاص والإيمان، مُتتلمِذًا على منهج البابا أثناسيوس الذي كان لاهوته كرازيًا اختباريًا يدور حول تدبير خلاص الله للعالم.

يقول القديس باسيليوس الكبير: [الروح القدس في ذاته يمنح معرفة الله للعابدين المخلصين] (الروح القدس47)، ففي الصلاة يلتقي الإنسان بالخالق وجهًا لوجه في اتحاد حب بدون وسيط. فإن كانت الرؤية الكاملة للمجد الإلهيّ محفوظة للدهر الآتي، فإن القديسين يتمتعون بالعربون الأكيد وبباكورة الحصاد الآتي، وعلى ذلك يُعتبر كل إنسان مؤمن يتكلم مع الله هو لاهوتي. كما يعتبر يوسابيوس القيصريّ أن المسيحيّين كلهم لاهوتيين، لأنهم يرنمون تسابيح لله، لكنه من بين هؤلاء يُميز بشكل خاص "المعلِّمين الكنسيين" كلاهوتيين، لأنهم يعلِّمون معرفة الحق الإلهيّ.

المعنى الخاص لكلمة لاهوتي: يؤكد القديس غريغوريوس النزينزيّ على أنه: [ليس للكل أن يتكلموا عن الله، ولا الأمر سهل بالنسبة للذين أتوا من التراب (عامة البشر) ... بل فقط للذين اُمتُحِنوا ووصلوا إلى "الرؤية θεορια" بعد أن طهّروا النفس والجسد، لأنه ليس لغير الطاهر أن يلمس الطاهر ويكون في أمان، مثلما لا يستطيع ضعيف النظر أن يحدّق في أشعة الشمس القوية]، وعلى ذلك فاللاهوتيّ هو الذي وصل بنور الروح القدس إلى رؤية المجد الإلهيّ، وسجّلها كتابةً. ولهذا فكلمة لاهوتيّ بمعناها الخاص تعني مَن جمع بين الرؤية الإلهية وبين إمكانية التعبير عنها باستنارة الروح القدس.

الكلمة المتجسد والثيولوچيا: يربط القديس غريغوريوس النزينزيّ التجسد الإلهي، بالمعرفة عن الله، فاللوغُوس المُتجسِد، في استعلان نفسه، يستعلِن الثيولوچيا التي سلَّمها لتلاميذه الرُّسُل، فقد [أظهر لنا نور الآب. وأنعم علينا بمعرفة الروح القدس الحقيقية] (ليتورجية القديس غريغوريوس الناطق بالإلهيات). يقول القديس ديديموس: [إنَّ يوحنا اللاهوتي استلم موهِبِة اللاهوت من المُخلِّص الذي بلا خطية والذي هو اشتياقنا، الذي ملأت رحمِته الأرض مُعلِّمًا نوع الإيمان الذي ينبغي أن نُؤمِن به مُعطِيًا عقيدة عامة للجميع: في البدء كان اللوغُوس (الكلِمة) أي أنه بلا بدء وغير مخلوق].

اللاهوتي هو الذي يعد نفسه لعمل الروح القدس: الروح القدس هو [روح من روح Πνεϋμα έκ Πνεϋματος]، فالله الآب روح ينبثق منه في الأزلية الروح القدس، ففي الروح القدس يُظهر لنا وجه الآب في الابن، بالرغم من أن جوهر الله فوق الإدراك، لا يُنطَق به ولا يُعبَّر عنه، إلّا أن هذا لا يُعني أنه غير قابل للإدراك أو المعرفة، فالروح القدس [روح المعرفة]، فمن خلال شركتنا مع الروح القدس، يهبنا الاستنارة التي نرتفع بها إلى معرفة الله، مع القناعة العقلية التي تحفظنا من تعدي حدودنا ونحن أمام من هو «سَاكِنًا فِي نُورٍ لاَ يُدْنَى مِنْهُ، الَّذِي لَمْ يَرَهُ احَدٌ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَقْدِرُ انْ يَرَاهُ» (1تي6: 16).




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx