مع حلول أفراح عيد القيامة، يعزّ علينا يا أحبائي أن أكتب لكم عن آلام الكنيسة، فالعام قد بدأ بآلام أبنائنا في الكنيسة البطرسية، وأقبل العيد مع آلام أبنائنا في طنطا والكنيسة المرقسية بالإسكندرية.. يعزّ علينا دماء شهدائنا التي سالت يوم العيد.. ويعز علينا كل القلوب التي انزعجت.. يعز علينا كنائسنا التي امتلأت بدماء أبنائها ودموعهم.. يعز علينا وطننا مصر.. ويعز علينا أن تصل بلادنا إلى هذا المستوى من العنف والإرهاب والظلم.. يعز علينا دماء أبنائنا من الشرطة والجيش والمواطنين الأبرياء غير المسيحيين الذين كابدوا الألم من أجل مهمتهم النبيلة.. ويعز علينا الجهد الذي يبذله المخلصون في مصر وعلى رأسهم السيد الرئيس، بسبب قلّة تحت ستار الدين ترتكب أفظع الجرائم.. ونحن نستنكر كل هذا العنف وهذه الدماء.
نعم يعلّمنا إيماننا أن نحب الأعداء ونسامح المبغضين (مت5: 43)، ويعلمنا أن نشكر الله في كل حال وعلى كل ضيق، كما يعلمنا أن نفتخر في الألم ونفرح بأكاليل الاستشهاد، لكن الله أيضًا يعلمنا أن ننتظر عمله وسط الأحداث..
1- ننتظر العدل الإلهي: فالسيد المسيح نفسه تكلم أن الرب لابد أن ينتقم لكل دماء الأبرياء المسفوكة على الأرض منذ دم هابيل بن آدم إلى كل دم بريء يُسفك على الأرض إلى آخر الدهور، فالحب والتسامح فقط يصنعان مجتمعات همجية، والعدل الالهي لايبطئ لكنه يتأنى لكي يكمل كل التدبير الإلهي، فعندما صرخت دماء الشهداء الأبرياء إلى الرب تطلب نقمته قائلة: «حتَّى مَتَى أيُّها السَّيِّدُ القُدّوسُ والحَقُّ، لا تقضي وتَنتَقِمُ لدِمائنا ...؟ ... وقيلَ لهُمْ أنْ يَستَريحوا زَمانًا يَسيرًا أيضًا حتَّى يَكمَلَ العَبيدُ رُفَقاؤُهُمْ، وإخوَتُهُمْ أيضًا، العَتيدونَ أنْ يُقتَلوا مِثلهُمْ» (رؤ6: 10-11)، نعم يتأنى الرب، لكنه لابد أن ينتقم لدماء الأبرياء لأنه هو الذي قال: «ليَ النَّقمَةُ أنا أُجازي، يقولُ الرَّبُّ» (رو12: 19). وتتميم العدل الإلهي مسئولية كل قائد مسئول منه آخرون يخضعون له.. ننتظر العدل الإلهي لا من أجل حياتنا فقط، بل من أجل سلامة الوطن التي صار مسرحًا للعنف والتطرف والإرهاب.
2- نحن لايرهبنا كل ماحدث: نعم نتألم لكننا لانخاف، فلنا إله قوي وعدنا أن كل آلة صُوِّرت ضد كنيسته لن تنجح (إش54: 17)، فلنا آلاف من السنوات نتعرض للآلام والاضطهادات ولكن كنيستنا باقية، ونحن نثق أن الرب لابد أن يتمجد في كنيسته رغم كل الآلام، ونحن نؤمن أن الله لن يتخلى عنا لأنه هو الذي وعد أن «أبوابُ الجَحيمِ لن تقوَى علَيها» (مت16: 18)، فكل ما يحدث بكل يقين هو من أجل تثبيت الكنيسة.. لن نخاف بل سنذهب إلى كنائسنا أكثر من ذي قبل، ونؤمن أن الله قادر أن يحفظنا، فيقيننا بإلهنا القوي يسري في دمائنا.
3- أخيرًا نصلي من أجل الرؤساء والقيادات وكل من هم في موضع المسئولية، لأنهم كقادة هم مسئولون عن تتميم العدل الالهي الذي لايتحقّق إلّا من خلال العدالة الناجزة، فهكذا علمنا إيماننا «ذَكِّرهُمْ أنْ يَخضَعوا للرّياساتِ والسَّلاطينِ، ويُطيعوا، ويكونوا مُستَعِدّينَ لكُلِّ عَمَلٍ صالِحٍ» (تي3: 1)، لكنه يخاطبنا أيضًا «فاخضَعوا لكُلِّ ترتيبٍ بَشَريٍّ مِنْ أجلِ الرَّبِّ. إنْ كانَ للمَلِكِ فكمَنْ هو فوقَ الكُلِّ، أو للوُلاةِ فكمُرسَلينَ مِنهُ للِانتِقامِ مِنْ فاعِلي الشَّرِّ، ولِلمَدحِ لفاعِلي الخَيرِ» (1بط2: 14).
أخيرًا يا أبنائي الأحباء: تقووا في الرب وفي شدة قوته.. اثبتوا فيه.. افرحوا به.. افرحوا لأنه هو الإله الذي هزم الموت وكسر شوكته.. فليس للموت سلطان علينا.. افرحوا بأبنائنا الذين قدموا حياتهم للرب.. فدماؤهم دائمًا تكون شاهدة عن نقاوة إيماننا، وستصير بذار للإيمان على الدوام.