اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 5004 نوفمبر 2022 - 25 بابة 1739 ش     العدد كـــ PDFالعدد 41-42

اخر عدد

بمناسبة الاحتفال بالعيد العاشر لجلوس قداسة البابا 
البابا تواضروس الثاني في رحلة عطائه

دكتور رسمي عبد الملك

04 نوفمبر 2022 - 25 بابة 1739 ش

إن تاريخ كنيستنا المجيدة يسجل باهتمام شديد سير الآباء البطاركة حافظي الإيمان الأرثوذكسي، الساهرين على خلاص كل نفس من الرعية، يقدمون كلمة الحق باستقامة الروح.

وقد تميز كل عصر بوجود شخصيات قديسة، صارت كعلامات بارزة على الطريق الروحي، وأضاءت كأنوار الكواكب في سماء الكنيسة، وستظل تضيء إلى أبد الدهور.

وبمناسبة الاحتفال بمرور عشرة أعوام على جلوس قداسة البابا تواضروس الثاني على العرش الروحاني لناظر الإله القديس مرقس الرسول كاروزنا، طالبين من الله طول العمر والأيام لقداسته إلى منتهي الأيام ليرعى شعبه كوكيل أمين وحكيم، خاصة في هذا الزمان المليء بالتحديات الإيمانية والإعلامية، وانهيار القيم والوحدة الأسرية، والمشاكل التربوية الحديثة، والإرهاب بكل الصور اللا إنسانية.

واسمحوا لي في إيجاز أن أطلّ على منهج قداسته في التعامل مع هذه المتغيرات على سبيل المثال لا الحصر:

+ أثبت قداسته أنه جاء ليكمل مسيرة البابا كيرلس السادس رجل الصلاة والمدبّر والمحافظ على سلامة التعليم، وكما كان البابا شنوده الثالث معلم المسكونة ورجل صلاة وتدبير، جاء قداسة البابا تواضروس الثاني رجل تدبير وصلاة، يهتم بالتعليم والتطوير والتجديد، بلمسات جمالية مبدعة.

+ قداسته رجل تدبير، ونشهد له بالحكمة المعطاة له من السماء، كيف قاد الكنيسة نموذجًا للربان الماهر الذي قاد السفينة، وصمام الأمان والحكمة للكنيسة والوطن في مرحلة زمنية حرجة.

+ اهتمام قداسته بالتعليم من خلال تشجيعه لإنشاء معاهد ومراكز متنوعة، وعقد العديد من السمينارات الروحية والعلمية لكوادر الخدمة من كهنة ومكرسين، والرهبنة، والخدام، مع الاهتمام بتطوير مناهج التربية الكنسية، وطرق تدريسها الحديثة، إيمانًا منه بأن الكنيسة في حاجة إلى التخصص والإعداد العلمي والروحي الجيد، مع الاهتمام بالحوارات اللاهوتية والعقائدية. وقد لمسنا في قداسته كيف يمتلك مزايا المحاور الراقي، فهو مستمع جيد، يعطي الفرصة للكل، ثم يجيب بكلمات من عقل نابض بالفكر والإبداع والاتزان، في عبارات يقصد بها ما يقول، ويقول ما يقصد..

+ تأسيس أضخم مكتبة للكرازة في الشرق الأوسط، للحفاظ على التراث المصري والقبطي، تشجيعًا للبحث العلمي وللباحثين في كل مكان.

+ الاهتمام ببناء القدرات والاستثمار في العنصر البشري.

+ إبداع في البناء، صورة رائعة، تجذب العيون، أداء جميل منتج ومبهر.

+ المهموم بالتحديات العصرية، منها على سبيل المثال: المجتمع والكنيسة والميديا، خاصة أنه منذ اختراع الموبايل، قد انتهي عصر الإنسانية، وشهدت حياتنا متغيرات خطيرة صنعتها الميديا، ورصدتها العديد من الدراسات، والكتب والأبحاث. وفي محاضرة لقداسته، أوضح أننا نحتاج أن نتدارس هذه الأمور، خاصة في حياتنا الروحية بكل عمق.

وعلينا أن نتفق على حقائق منها:

● الوقت، وهو أعظم عطية من الله، وهي متساوية زمنيًا لكل البشر، فيجب أن يكون لدينا معرفة عملية في فن إدارته، لأنه لا يمكن ادخاره، وبالتالي لا يصح إهداره.

● السرعة، في نقل الأخبار بكافة مجالاتها، وانعكست مظاهرها من خلال السطحية في العلاقات، والمعاملات، والخدمة، وعدم الاستمتاع بالحياة الدافئة بين البشر، وأصبح الخداع والكذب يملأ مواقع التواصل الاجتماعي.

● الافراط في استخدام مواقع التواصل (الإدمان الإلكتروني)، وأصبح الإنسان ينظر إلى الأمور بعين واحدة.

+ ومن فكر قداسته، كأساس للخدمة الكنسية في كل مجالاتها: النظام والالتزام «ليكن كل شيء بترتيب»، إدارة الوقت فالزمن هو العطية الفريدة التي يمنحها الله بالتساوي لجميع البشر. منهجه للأبوة الروحية والمحبة والسمو عن الصغائر.

ومن أبرز ما يتسم به قداسته:

+ إنه شخصية توافقية، تؤمن بالحوار وتدعو إليه (حوار لا مواجهة)، حوار موضوعي بوعي وبحكمة، نموذج للتوافق الخلّاق بين بدائل متاحة، مثيرًا للإعجاب في أي نقاش فكري، وليس رمادي اللون، أو يمسك العصا من النصف، بل واضحًا في رؤيته، مدافعًا صلبًا عن العقيدة بأسلوب يبدو كمن يستخدم قفازًا من الحرير، أضف إلى ذلك حلاوة لغته المتفرّدة المثيرة للإعجاب، ورشاقة كلماته ولغته، حتى أن كل عبارة تصدر منه تصلح مانشيت لافتًا ومثيرًا.

+ حارس على الوحدة الوطنية، عاشق لوطنه مصر، فخور بأنه مصري قبل كل شيء، ويقول قداسته إن مصر وطن فريد بين أوطان العالم وحضارته تشهد بذلك، وتاريخه محفوظ في يد علوية تباركه وتحميه من كل شر، ومصر نموذج فريد لأروع مثل في العيش المشترك، ووطنية الكنيسة المصرية بصفتها إحدى المؤسسات الروحية والتربوية، تضع الوطن في المرتبة الأولى، وقد قال لنا الكتاب المقدس: «مبارك شعبي مصر».. مصر جاء إليها السيد المسيح هربًا من الإرهاب طفلًا، ومشى على أرضها وسهولها ورمالها، وارتوى من ماء نيلها؛ ما أروعها!

وكما يقول قداسته، وما وصفته بدقة وعمق مشاعر المحبة الفياضة في قلوب المصريين جميعًا:

"إننا لا نعيش "الوحدة الوطنية".. بل نحن بالحقيقة نعيش "المحبة الوطنية"، وعلينا مواجهة المشاكل التي تظهر أحيانًا لإضعاف وحدتنا ومحبتنا الوطنية، وبحكمة، وللحفاظ على روح الألفة والنسيج الوطني النادر"، أيضًا ما أجمل العبارة التي قالها عن مصر: "إن العالم كله في يد الله، أمّا مصر فهي في قلبه".

وبهذه المناسبة المباركة، نصلي جميعًا من أجل الجميع، قيادة محبوبة، وشعبًا، من أجل بلادنا الحبيبة، ونصلي أن يحفظ لنا وعلينا حياة قداسة البابا تواضروس الثاني معلمًا وأبًا وراعيًا وحاميًا وحارسًا للإيمان والوحدة المسيحية والوطنية والإنسانية.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx