أولًا: الجذور الأولى:
وُلِد وحيه صبحي باقي في 4 نوفمبر 1952 من أسرة تقية ربّت أولادها على الانتظام في الكنيسة منذ الطفولة، وكان الأب دائم التنقل بين المحافظات تبعًا لعمله حيث انه كان يعمل مهندسًا للمساحة.
التحق وجيه بالمدرسة الابتدائية في دمنهور، في نفس المدرسة التي تعلم فيها عازر يوسف (القديس البابا كبرلس السادس) والطفل نظير جيد (البابا شنوده)، لذلك أُطلِق عليها "مدرسة البطاركة"، وقد شارك الأنبا تواضروس الأسقف العام بالبحيرة في الاحتفال بالعيد المئوي لها عام 2000، وقد تغير اسمها إلى مدرسة المحبة.
في عام 1970 حصل على شهادة الثانوية بمجموع كبير أهّله للالتحاق بكلية الصيدلة جامعة الإسكندرية، وقد تخرج منها عام 1975م. وفي أثناء ذلك حصل على بكالوريوس الكلية الإكليريكية وكان خادمًا نشيطًا في كنيسة الملاك الأثرية بالبحيرة.
ثانيًا: الانطلاق إلى البرية:
التحق وجيه صبحي بدير الأنبا بيشوي في 20 أغسطس عام 1986، وتم سيامته راهبًا باسم "ثيودور الأنبا بيشوي" في 31 يوليو عام 1988، وكان مسئولًا عن مضيفة استقبال الزوار وصيدلية الدير قبل سيامته راهبًا، ثم أصبح مسئولًا عن استقبال رحلات الزوار بعد السيامة بسبب درايته بالدير وتاريخه.
سيم قسًا في 23 ديسمبر عام 1990، ونال درجة الأسقفية في 15 يونية عام 1997م باسم الأنبا تواضروس كأسقف عام مساعد لنيافة الأنبا باخوميوس مطران البحيرة، وكان مقر إقامته كنج مريوط، وأصبح مسئولا عن لجنة الطفولة بالمجمع المقدس، وقد أحدث نهضة روحية بالمنطقة، واُشتُهِر نيافته بمهرجانات الطفولة وأصدر لها الكتب العديدة.
شاءت العناية الإلهية اختيار نيافته لكرسي البطريركية في 18 نوفمبر عام 2012، فأحدث نهضة غير مسبوقة في الكنيسة، ويمكن إيجاز إنجازات قداسته:
ثالثًا: بعض إنجازات قداسة البابا تواضروس الثاني
1- البابا تواضروس والمجمع المقدس
صدر عن المجمع المقدس للكنيسة القبطية في حبرية قداسة البابا تواضروس عدة لوائح هامة:
+ لائحة اختيار الكاهن ولائحة مجالس الكنائس وكذا أمناء التربية الكنسية.
+ دليل الرهبنة القبطية وإدارة الحياة الديرية ودليل الأب الأسقف ونظم إدارة الإيبارشية.
+ لائحة انتخاب البطريرك الجديد بدلًا من لائحة 1957م التي كان معمولًا بها، وقانون بناء الكنائس الموحد الذي انتظرته الكنيسة 160 عامًا وصدر بتاريخ 28/9/2016. كما أصدر لائحة جديدة للمجلس الإكليريكي للكنيسة القبطية في أغسطس 2015 بعد موافقة المجمع المقدس للكنيسة القبطية بجلسته المنعقدة في 20/11/2014م.
+ لأول مرة يتم تعيين نائب بابوي لقداسة البابا في أوروبا وآخر في أمريكا الشمالية وآخر في أستراليا.
كما صدر عن المجمع المقدس خلال العشر سنوات قرارات كثيرة نذكر منها: الاعتراف بالعديد من الاديرة كأديرة عامرة في مصر والمهجر، كما تم الاعتراف بقداسة: البابا كيرلس السادس – الأرشدياكون حبيب جرجس - أبونا يسطس الأنطوني - القمص بيشوي كامل.
1) قام قداسة البابا تواضروس بسيامة 62 أسقفًا، وسيامة نيافة الأنبا أنطونيوس مطرانًا للكرسي الأورشليمي في 28/2/2016، وترقية 13 من الأباء الأساقفة إلى رتبة المطران وهم أصحاب النيافة: الأنبا بنيامين، الأنبا تادرس، الأنبا بفنوتيوس، الأنبا كيرلس مطران ميلانو، الأنبا سيرابيون، الأنبا اثناسيوس مطران فرنسا، الأنبا مرقس، الأنبا بولا، الأنبا بساده، الأنبا اأندراوس، الأنبا إشعياء، الأنبا أبرآم، الأنبا أنطونيوس مرقس.
2) تم تجليس 14 من الآباء الأساقفة العموم على إيبارشيات.
3) قام قداسته بتأسيس عدة إيبارشيات جديدة في أوروبا وهي: اليونان، هولندا، جنوب فرنسا، باريس وشمال فرنسا، بالإضافة إلى إيبارشية مسيسوجا بكندا، و إيبارشيات نورث وشاوث كارولينا، نيويورك بأمريكا، جنوب أفريقيا.
4) أما في مصر فقد قام قداسته بتقسيم إيبارشية الجيزة إلى خمس إيبارشيات وهي: الجيزة وسط، شمال الجيزة، 6 أكتوبر وأوسيم، اطفيح، طموه وتوابعها. وتم تقسيم إيبارشية المنيا وأبو قرقاص إلى ثلاث إيبارشيات: المنيا، أبو قرقاص، شرق المنيا، وكذلك تأسيس إيبارشية الوادي الجديد والواحات.
بالإضافة الى ما سبق فقد قام قداسته برسامة عشرات الآباء الكهنة وترقية العديد إلى رتبة الأيغومانس.
2- البابا تواضروس ورحلاته الخارجية
خلال عشر سنوات قام قداسة البابا برحلات خارجية لافتقاد ورعاية كنائسنا في الخارج بلغت ثماني وعشرين رحلة شملت دولًا في خمس قارات، وهذه الدول هي:
+ أستراليا وزار فيها سيدني وملبورن.
+ أفريقيا وزار فيها إثيوبيا.
+ آسيا وزار فيها كلًّا من الإمارات والأردن والكويت والأراضي المقدسة ولبنان (أكثر من مرة).
+ أمريكا الشمالية وزار فيها كندا وأمريكا.
+ أوروبا وزار فيها: الفاتيكان، النمسا (عدة مرات)، سويسرا، ألمانيا، النرويج، فنلندا، روسيا (مرتان)، هولندا، السويد، إيطاليا (مرتان)، إنجلترا، أيرلندا، اليونان.
3- قداسة البابا تواضروس والميرون المقدس
قام قداسة البابا تواضروس بإعداد الميرون المقدس ثلاث مرات:
الأولى: في يوم الثلاثاء 8 أبريل 2014. كما شارك قداسة البابا في إعداد الميرون مع الكنيسة الأرمنية في 18 يوليو 2015. المرة الثانية في 4، 5 أبريل 2017 بدير الأنبا بيشوي. المرة الثالثة: في 10، 11 مارس 2021 وهي المرة الأربعين في تاريخ الكنيسة القبطية.
ومن المعروف أن قداسته قام بإعداد الميرون بطريقة جديدة عن السابق، حيث تم استخدام خلاصة الزيوت العطرية للمواد المستخدمة في الميرون وليس البذور، وبالتالي لم يعد هناك داعٍ لخطوات الطبخ والعصر والتنقية التي كانت تستهلك وقتًا طويلًا ومجهودًا شاقًا.
4- قداسة البابا تواضروس الثاني وعودة عصور الاستشهاد
نظرًا لكثرة حوادث القتل والتفجير للمسيحيين وتزايد عدد الشهداء في الآونة الأخيرة، فإن المجمع المقدس للكنيسة قرر أن يكون يوم 15 فبراير (8 أمشير) من كل عام هو عيد للشهداء في العصر الحديث.
وإذا أردنا أن نتتبّع حوادث الاعتداءات على الكنائس والأرواح والممتلكات في السنوات القليلة الماضية يمكن إيجازها فيما يلي: شهداؤنا في ليبيا، شهداء الكنيسة البطرسية، شهداء العريش، شهداء أحد السعف، شهداء دير الأنبا صموئيل بجبل القلمون، شهداء آخرون واعتداءات على الكنائس والممتلكات في الخصوص والمنيا وبني سويف و6 أكتوبر والوراق، هذا بخلاف الأربعاء الدامي يوم 14/8/2013 الذي تم فيه حرق وتدمير عدد كبير من الكنائس ومنشآت الأقباط، ثم كان حادث قتل أبونا سمعان شحاته كاهن الفشن في منطقة مؤسسة الزكاة بمدينة السلام، وابونا أرسانيوس وديد بالإسكندرية، واحتراق كنيسة ابي سيفين بإمبابة.
5- احتفالات اليوبيل
قام قداسة البابا بتشكيل عدة لجان للاحتفال باليوبيل كالآتي:
+ الوبيل الذهبي لافتتاح الكاتدرائية المرقسية بالعباسية بعد تجديدها (1968-2018).
+ اليوبيل الذهبي لظهور السيدة العذراء بالزيتون (1968-2018).
+ اليوبيل المئوي لتأسيس مدارس الأحد على يد القديس حبيب جرجس (1918-2018).
+ شارك قداسته في احتفالية معهد الدراسات القبطية بمرور 200 سنة على فك رموز اللغة المصرية القديمة يوم 27/9/2022.
+ كما شارك قداسته في الاحتفال بمرور 60 سنة على تأسيس اسقفية الخدمات (1962-2022) أيام الخميس والجمعة 29 و30/9/2022؛ هذا بخلاف عشرات الكنائس التي شارك في الاحتفال باليوبيل الذهبي لتأسيسها.
6- مشروعات عملاقة:
في حبرية قداسة البابا فام قداسته بتأسيس عدة مشروعات عملاقة:
+ المقر البابوي الجديد بدير الأنبا بيشوي (لوجوس) وبدأ العمل فيه منذ عام 2012.
+ المكتبة البابوية المركزية وتم افتتاحها في 19/11/2020.
+ كاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية الجديدة، وقد قام الرئيس عبد الفتاح السيسي وقداسة البابا بافتتاحها في 6 يناير 2019، وتُعد أكبر كاتدرائية في الشرق الأوسط.
رابعًا: قداسة البابا تواضروس الثاني نموذج في الوطنية
قداسة البابا تواضروس الثاني عاشق لتراب الوطن، ونموذج يُحتذى به في الوطنية، وقد تعددت موافقه وإسهاماته الوطنية والتي كان آخرها إقامة قداس بمستشفى سرطان الأطفال 57357.
ومن مواقفه الوطنية:
+ علاقته الوطيدة والمتميزة مع رؤساء مصر (المستشار عدلي منصور الرئيس المؤقت والرئيس عبد الفتاح السيسي).
+ شارك قداسة البابا في كافة الاستحقاقات الوطنية حيث كان يدلي بصوته سواء في الاستفتاء على الدستور أو الانتخابات الرئاسية أو انتخابات البرلمان المصري.
+ قداسة البابا تواضروس الثاني هو ضيف ثابت يشارك الرئيس الاحتفال بكافة المناسبات الوطنية، مثل الاحتفال بأداء الرئيس السيسي لليمين الدستورية، وكذا الاحتفالات بنصر أكتوبر، وتخريج دفعات الكليات العسكرية، وزيارة مشروع قناة السويس، ثم المشاركة في الاحتفال الكبير لافتتاح القناة يوم 6 اغسطس 2016.
+ بسبب القيمة الوطنية لقداسة البابا، قامت جامعة بني سويف بإهداء قداسته درجة الدكتوراه الفخرية في احتفال كبير في شهر ابريل 2015، وفي هذا الاحتفال قال الدكتور فريد شوقي: "سجلتَ مكانك بين العظماء بمقولتك: وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن".
خامسًا: البابا تواضروس الثاني قامة عالمية
قداسة البابا تواضروس محط أنظار العالم وقادته، سواء على المستوى السياسي أو الكنسي، ولهذا أصبح الجميع يتسابقون للقائه ونوال بركته. ومن الرؤساء والملوك والأمراء ورؤساء الكنائس الذين التقى بهم قداسة البابا خلال الخمس سنوات الماضية: الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، والرئيس الفرنسي هولاند، ورئيس وزراء لبنان سعد الحريري، ورئيس لبنان العماد ميشيل عون، والرئيس الإثيوبي، ورئيس وزراء الدنمارك، وكذلك ملكة الدانمارك بالقصر الملكي، ورئيس توجو والوفد المرافق له، والرئيس العراقي فؤاد معصوم. وفي سابقة لم تحدث من قبل قام قداسة البابا تواضروس بزيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، والتقى قداسة البابا وعاهل البحرين الملك حمد، والتقى برئيس سنغافورة الدكتور توت نان، والرئيس اليوناني بروكوبيوس بافلوبولس، وولي عهد المملكة الأردنية الهاشمية صاحب السمو الأمير الحسن بن طلال، وفي مناسبة أخرى التقى مع جلالة الملك عبد الله بن الحسين العاهل الأردني، والرئيس الألماني، والتقى بمستشارة ألمانيا، وأمير الكويت الشيخ الصباح الأحمد الجابر، وملكة إنجلترا الملكة اليزابيث الثانية، كما التقى برئيس جمهورية أيرلندا السيد مايكل هيجنز، والتقى بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والتقى أيضًا برئيس بوركينا فاسو مارك كرستيان.
أمّا لقاءات قداسته مع رؤساء الكنائس على مستوى العالم، فقد التقى قداسته بغالبية رؤساء الكنائس وكان آخرها مع أعضاء الجمعية العمومية لكنائس الشرق الأوسط والذي عُقِد في المقر البابوي بدير الأنبا بيشوي في المدة من 16-20 مايو، وفي يوم 17 مايو استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي رؤساء الكنائس بصحبة قداسة البابا.
وفي الختام..
حبرية قداسة البابا تواضروس خلال عشر سنوات تحتاج إلى مجلدات لسرد إنجازاته ما بين الزيارات الرعوية للإيبارشيات والكنائس، ومؤلفاته، وعمله الرعوي الكثيف، ومؤتمرات الشباب في مصر والمهجر، وغيرها الكثير... وإننا إذ نهنئ قداسته بالعيد العاشر لجلوسه، ندعو الله أن يمنحه الصحة والعافية والأزمنة السالمة المديدة، لكي ننعم بصلواته وأبوته.