اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
الكرازة السنة الخامسة والأربعون21 أبريل 2017 - 13 برموده 1733 ش     العدد كـــ PDFالعدد 15-16

اخر عدد

الحب على مذبح الاستشهاد

مثلث الرحمات نيافة الأنبا بيشوي

21 أبريل 2017 - 13 برموده 1733 ش

بعض الناس يعملون أعمالًا خطرة مثل سباق السيارات الذي يخاطرون فيه بأرواحهم لأن السيارة قد تنقلب أو تحترق، والبعض أيضًا لهم بطولات في الحروب. أمّا بالنسبة للاستشهاد في المسيحية فإنه يختلف عن ذلك كثيرًا. قد يستطيع أهل العالم أن يقوموا ببطولات، أمّا الاستشهاد في المسيحية فهو ليس مجرد بطولة.

كان الاستشهاد للشهداء هو شهوة تنبع من عذوبة فائقة لا يمكن التعبير عنها، من خلال متعة الحياة الروحية مع الله، والتمسك القوي برجاء الحياة الأبدية، وعدم الخضوع للحواس الجسدية، والقدرة على استيعاب الحياة الروحية وكل ما فيها من سعادة -عبورًا بالجسد وتخطيًا لمطالبه التي لا تنتهي إلا بالموت.

الاستشهاد هو هدية للمسيح

كان الاستشهاد بالنسبة للشهداء هو تتويج للحياة الروحية التي عاشوها، والتي ذاقوا فيها حلاوة الله. وكانت هذه هي المكافأة التي قدمها لهم السيد المسيح، حتى ينسكب هذا الحب لتفوح رائحة الطيب الزكية. فأنت قد ترى زجاجة طيب ومن الممكن أن تظن أن بها زيتًا أو خلًّا، لكن مجد هذه الزجاجة لا يظهر إلا إذا انسكب هذا الطيب الذي في داخلها.

إنها خسارة لو أن هؤلاء الشهداء الذين عاشوا بهذا الحب الفيّاض المتأجج في داخل قلوبهما، ولا تُعطى لهم فرصة لكي يظهر هذا الحب. وهذا الحب لا يظهر ولا يتألّق إلّا على مذبح الاستشهاد حيث تنسكب هذه المحبة فتفوح الرائحة العطرة. لذلك قيل عن السيد المسيح «لِرَائِحَةِ أَدْهَانِكَ الطَّيِّبَةِ. اسْمُكَ دُهْنٌ مُهْرَاقٌ» (نش1: 3). أي أن اسم الله هو طيب مسكوب. ومعلمنا بولس الرسول يقول «أَنْسَكِبُ أَيْضًا عَلَى ذَبِيحَةِ إِيمَانِكُمْ وَخِدْمَتِهِ» (في2: 17). فهو حب منسكب متدفق.

شهادة القديسين الشهداء لم تكن بطولة ولكنها كانت حبًا فائقًا للوصف وفائقًا للحدود، التي يمكن التعبير عنها. ولذلك فقد كان هذا الحب أقوى من الموت، فاستطاع أن يعبُر كل الصعاب والآلام في فرح.

الذي ينظر إلى المسيحية أنها آلامٌ وكآبة وضيق وتشتُّت، فإنه يتعب. أمّا من يرى الحب المتألّق وقوة القيامة ويقول مع بولس الرسول «لأَعْرِفَهُ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ، وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ، مُتَشَبِّهًا بِمَوْتِهِ» (في3: 10)، فسوف يختبر حلاوة المسيحية بالرغم مما فيها من ألم.

إن من يتعب من الصليب لابد أن يتذكَّر القيامة... ويتذكَّر أن القيامة رفعت كل أحزان الصليب. المسيحية ليست صليبًا فقط ولكنها صليب، ثم فرح ومجد في القيامة المجيدة...


  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx