اسم المستخدم

كلمة المرور

    
 
بحث
اللغه
select
السة 5018 نوفمبر 2022 - 9 هاتور 1739 ش     العدد كـــ PDFالعدد 43-44

اخر عدد

الخدمة الحارة

نيافة الأنبا بنيامين أسقف المنوفية

18 نوفمبر 2022 - 9 هاتور 1739 ش

تتميز الخدمة الحارة بالترك والعطاء بفرح، حيث يقضي الخادم عمره مع الله في بذل وتضحية، ويكون حارًا لدرجة أنه يترك اهتماماته الشخصية في تكريس جزئي أو كلّي ليقدم لله كل وقته وكل جهده برضا قلبي، حتى يُفرح الله بثمار تعبه وخدمته ليخلص كثيرين من مخدوميه، مثل القديس الأنبا أنطونيوس الذي باع كل ممتلكاته ليعيش في الصحراء مصليًا لأجل الجميع، ومثل الأنبا بولا أول السواح الذي توحد 90 سنة في تسبيح وتمجيد لله وصلى لأجل مصر كلها والكنيسة فيها، وكذلك مكسيموس ودوماديوس اللذان تركا المُلك والجاه والكرامة العالمية ليعيشا في شقوق الأرض في البرية، وهكذا تكون الحرارة في محبة الله وخدمته؛ ولقد عاتب الله ملاك الكنيسة أي الأسقف قائلًا «عندي عليك أنك تركت محبتك الأولى» (رؤ3).

خطورة ترك الحرارة الروحية: حين تنتهي الحرارة الأولى وتضعف المحبة ينحرف الطريق ويقل الجهد ويضعف الأداء، بل وقد يضيع الهدف وتنعدم الثمار، ويبتعد الخادم عن روح الخدمة وأسلوبها المثالي، وعن الأمانة التي بدأ بها، فيمل الخدمة وقد يتركها لأنه أصبح لا يصلح لها، وتتحول الخدمة إلى وسيلة للظهور، وتدخل محبة الرئاسة وحب التعليم وليس حب التعلُّم، وتتعبه الاستعراضية والتسلط على الآخرين، ويشغله المكسب المادي والأدبي والاجتماعي، وكل ذلك على حساب الحياة الروحية وخلاص نفسه، وللأسف يصل إلى طريق مسدود وقد يهلك في الخدمة بدلًا من خلاصه. بينما القديسون كانوا حارين بالروح، وكانوا سببًا في نمو الكثيرين رغم صغر سنهم مثل القديس ميصائيل الذي رغم صغر سنه وصل إلى درجة السياحة الروحية بكثير من الحرارة في العبادة والسجود أمام الله بدوامه مع الأصوام والجهاد والتغصب. والقديس زكريا الراهب الذي بحرارة قلبه رفض أن يكون سبب عثرة للآباء الرهبان فتقدم في الحياة الروحية والنسك الشديد فتغيرت صورته الجميلة في الوجه وامتلأ من روح الله وصار قدوة لكثيرين، وفي نياحته قال له القديس إيسيذورس "اخرج يا ابني زكريا فأبواب الملكوت السمائي مفتوحة أمامك"... ولقد وصل الآباء الحارين في الروح للأسباب الآتية:

1- التحرُّر من الأهواء الشخصية التي تعوق حركة وعمل الروح القدس في القلب، وذلك بالنقاوة والطاعة لروح الله. والنقاوة: هي بتقديس الفكر والقلب وتجديد الذهن، وتقديس الكيان الداخلي ليعيش حسب قصده الإلهي في حياتنا، وهنا يعمل روح الله على النمو والصعود في السلم الروحي بدون قفز بل بتدرج حكيم، نتيجة النقاوة من كل شهوة رديئة وكل غضب وكل إدانة للآخرين، ومن كل أفكار الكبرياء واللذات المقاومة للنمو الروحي، فهي مثل اللص الذي يسرق فيطفئ نور المعرفة الروحية ليسرق ما يريد من النفس من درر نفيسة مثل التعفف الطهارة والكمال الروحي الذي يمنحه لنا روح الله القدوس.

2- الطاعة القلبية لله: بدون مقاومة لعمل الروح، بل بتلمذة حقيقية لفكر الله في الكتاب المقدس، وتنفيذ وصايا الله بفرح، والطاعة تحتاج إلى تدرج روحي وتدريب منتظم وجحد للذات لإنكارها وبذلها بالمحبة. ولأهمية ذلك نذكر عبارة خطيرة لأحد الآباء القديسين "الذين هلكوا بسبب الفضيلة أكثر من الذين هلكوا بسبب الرذيلة"، والقول المهم أيضًا "الطاعة لله وللكنيسة فخرنا، فمن اقتناها يسمع الله صوته ويقف أمام المصلوب بدالة لأنه صُلب من أجل طاعته لأبيه الصالح (أي يشابه المسيح) ويبلغ لمدينة السلام أورشليم السمائية"، ويؤكد ذلك القديس برصنوفيوس لأهمية الطاعة الروحية لمن يؤتمن على خلاصنا من الآباء المسئولين عن الكنيسة المقدسة ويبذلون حياتهم لأجل شعوبهم وخدمتهم.




  • تقييم المقال
     
  • مقالات اخري للمولف
  • |
  • طباعه


سياسه التعليقات

اضف تعليقا


عنوان التعليق
موضوع التعليق

2012 © Site developed and maintained by PSDWorx