نطلب في القداس ونقول: "وحدانية القلب التي للمحبة فلتتأصل فينا"، والكنيسة تسعى من البداية نحو تحقيق هذه الوحدانية من خلال:
(1) الطقوس: التي من أهم أهدافها توحيد المؤمنين في كل مكان.. ولذلك فعلى سبيل المثال:ـ
أ) القداس الإلهي: ثابت بمكوناته وكلماته وتحركاته..
ب) القراءات: ما يُقرأ في قداس ما، يُقرأ في كل الكنائس في نفس اليوم..
جـ) الألحان: واحدة في كل مكان.. تجعل للكلمات روحًا ومشاعر وتوحّد الكل في روح واحدة (سنوي، كيهكي، فرايحي، صيامي، شعانيني، حزايني).
د) الأصوام: لها بداية ونهاية موحدة، وألحان وقراءات موحدة.
هـ) الأعياد: توحد الناس حول مناسبة واحدة.
و) الأجبية: كتاب موحد يقرأه الكل. صلاة واحدة بنفس واحدة.
ز) الأسرار: ثابتة من ناحية القراءات والتحركات والألحان.
ح) التسبحة: لها كتاب والحان ثابتة.
(2) التعليم: لا نؤمن بالتعليم والتفسير الحر بل نعتمد على الكتاب المقدس وأقوال الآباء وقوانين الرسل والمجامع المسكونية كمرجعية لكيما يكون التعليم واحدًا، وإن بَعُدَ أحد عنه يمكن رده.
(3) التوبة: تجعل الكل يحيا حول المسيح بفكر واحد، ومن يخطئ ترده التوبة مرة أخرى. الخطية تفرّق وتفصل، لذلك كانوا ينادون بالتوبة «أن يتوبوا ويرجعوا إلى الله عاملين أعمالًا تليق بالتوبة» (أع26: 20).
(4) المحبة: نقول في الطلبة: "وحدانية القلب التي للمحبة"، فبدون المحبة كيف يحيا الجميع في وحدانية؟ إن لم توجد وُجِدت الشقاقات والأحقاد (محبة بين الأسقف والكهنة، والكهنة مع بعضهم، والشمامسة، والخدام والشعب، بين الزوجين، وبين الآباء والأبناء...).
علامات وحدانية القلب:
هناك علامات ومؤشرات تؤكد وجود وحدانية القلب التي للمحبة إن وجدت نشكر الله عليها وإن لم توجد فلنصرخ حتى يجود علينا بها.
(1) الإحساس بوجود الله: فحيثما توجد المحبة والوحدانية يوجد الله ونشعر ببركته وعمله وحفظه وحراسته..
(2) المحبة الحقيقية: في داخل الكنيسة وفي داخل الأسرة، فهي الرباط الذي يربط جميع الأشخاص وجميع الخدمات «لتصر كل أموركم في محبة» (1كو16: 14؛ راجع: 1يو2: 10، 11؛ 1يو4: 7، 8)، فلا توجد صعاب أو متاعب لا تستطيع المحبة أن تجتازها.
(3) الفرح العميق: وُصِفت الكنيسة الأولى «كانوا يتناولون الطعام بابتهاج وبساطة قلب» (أع2: 46)، فالفرح نابع من الوحدانية والسلام بينهم والمحبة ووجود الله.
(4) العمل الجماعي: المقصود به هو تناسق جميع الخدمات داخل المكان الواحد، فلا ينعزل أو ينفصل واحد عن الباقين (المفلوج وأصحابه الأربعة؛ راجع أيضًا: في2: 2-4)، فلا يوجد تعصب لفرع أو خدمة أو نوع أو مكان بل الكل واحد.
(5) الفرح بنجاح الآخرين: إن نجاح الآخرين في الروح أو المجتمع أو الدراسة يجب أن يسبّب فرحًا لأنفسنا، فنجاحهم هو نجاح لنا، نحن واحد، وفي وسط الجماعة التي تتمتع بالقلب الواحد لا يوجد حسد أو غيرة أو مكر أو خبث. أوصانا القديس بطرس الرسول «فاطرحوا كل خبث وكل مكر وكل رياء والحسد وكل مذمة» (1بط2: 1)، ويجب أن نفرح ونمجد الله من أجل نجاح خدمة الآخرين، ومحبة المخدومين لهم «أما صديق العريس فيفرح» (يو3: 29).
(6) الاحتمال والصبر وطول الأناة: هي علامة قوية من علامات وحدانية القلب، حيث يحتمل كل عضو بقية الأعضاء «إن كان عضو واحد يتألم فجميع الأعضاء تتألم معه» (1كو12: 26)؛ «محتملين بعضكم بعضًا في المحبة مجتهدين أن تحفظوا وحدانية الروح برباط السلام» (أف4: 2، 3). نحتمل الآخرين للاحتفاظ بوحدانية الروح ولاستمرار رباط السلام، نبذل كل جهد لكي نبعد أي خلاف أو نزاع أو انقسام حتى نحتفظ بوحدانية القلب «فليرضِ كل واحد منا قريبه للخير لأجل البنيان لأن المسيح أيضًا لم يرضِ نفسه» (رو15: 2، 3).
وعلامات وحدانية القلب في داخل الأسرة:
(1) سعي كل طرف لإرضاء الآخر. (2) احتمال كل طرف للآخر وعدم نبذه. (3) الاحترام المتبادل والحوار الهادئ وعدم اتخاذ أي قرار من جانب واحد والبعد عن كل عناد وتمسك بالرأي. (4) الطاعة والحب وجهان لعملة واحدة. (5) وجود عمل روحي مشترك. (6) الأبناء تطيع والآباء لا يغيظون.
أسباب غياب وحدانية القلب:
غياب المحبة. العناد والتمسك بالرأي والتسلط. توسيع رقعة الخلاف وتدخل الآخرين. سوء الظن.