سر التجسد الإلهي والميلاد البتولي من أهم معتقدات الكنيسة، وهو سر عظيم يفوق العقل البشري المحدود وعنه يقول معلمنا بولس الرسول: «عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ» (1تي3: 16).
أهم أهداف التجسد والميلاد:
1) حل قضية الفداء المعقدة.
2) نائب عن البشرية في تقديم صورة حية للإنسان الكامل أمام الله.
3) السمو بالشريعة وليس نقضها.
4) إصلاح التعاليم الفاسدة التي انتشرت وقتها.
5) تعريف الإنسان بالله عن قرب، فسمّى نفسه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا.
نتكلم في هذه المقالة عن أول وأهم سبب للتجسد الإلهي وهو حل قضية الفداء المعقدة وإنقاذ الإنسان من عبودية إبليس وانتشاله من هوة الخطية والهلاك التي وقع فيها.
خلق الله آدم ووضعه في الجنة وأوصاه ألّا يأكل من ثمر شجرة معرفة الخير والشر، وحذّره أنه يوم يأكل منها موتًا يموت (تك2: 17).
جاء الشيطان بمكره وأغوى حواء بالأكل من تلك الشجرة المَنهي عنها، فأخذت وأكلت وأعطت رجلها فأكل (تك3: 6)، وعصيا الله وكسرا وصاياه، فوجب عليهما حكم الموت حتى يأخذ العدل الإلهي حقه.
لكن موت الإنسان تقابله مشاكل وعقبات كثيرة مثل:
1) موت الإنسان ضد رحمة الله التي تريد أن الكل يخلصون، كما أن آدم له بعض العذر في خطيته لأنه أخطأ بإغراء الشيطان.
2) موت الإنسان ضد كرامة الله الذي خلق الإنسان على صورته ومثاله، وسلّطه على جميع مخلوقاته، فكيف تتمزق هذه الصورة بهدة السهولة؟
3) موت الإنسان ضد قوة الله، كأن الله خلق خليقة ولم يستطيع أن يحميها من شر الشيطان.
4) موت الإنسان ضد حكمة الله، لقد خلق الله الإنسان ليتمتع ببركات الله وبنوته له، فكيف يحرمه الشيطان من التمتع بتلك البركات.
5) موت الإنسان ضد ذكاء الله، إذ كيف توجد مشكلة مع تاج خليقة الله ولا يستطيع عقل الله أن يجد لها حلًا.
الله يريد أن ينقذ الإنسان من الموت الأبدي ويورّثه الملكوت المعد له قبل إنشاء العالم.
لكن كيف؟
1) هل يسامح الله الإنسان رغم أنه حذره من العصيان؟
هذا التسامح يرضي الرحمة ولا يرضي العدل الإلهي.
2) ينفّذ الله كلمته ويميت الإنسان، هذا معناه انتصار الشيطان.
هذا إلى جانب أن طبيعة الإنسان قد فسدت بالخطية وتحتاج إلى إعادة خلقة.
واحتاج الأمر إلى فادٍ ومخلص وخالق، ولا بد أن تتوافر في الفادي صفات معينة مثل:
1) يجب أن يكون الفادي إنسانًا لكي يفدي الإنسان.
2) يجب أن يموت ليستطيع أن ينقذ الإنسان من حكم الموت.
3) يجب أن يكون بلا خطية لكي يستطيع أن يفدي الإنسان الخاطئ.
4) يجب أن يكون غير محدود ليستطيع وفاء الدين غير المحدود على الإنسان.
5) يجب أن يكون خالقًا لكي يعيد خلقة الإنسان التي فسدت بالخطية.
السيد المسيح قبل التجسد كان خالقًا وغير محدود وبلا خطية، وكان لا بد أن يتجسد لكي يأخذ جسدًا ويموت عن الإنسان على الصليب، وهذا هو السبب الرئيسي للتجسد والميلاد.
وكل عام وأنتم بخير وسلام.
