التواضع فى فكر البابا كيرلس
القمص رافائيل أفامينا تلميذ البابا كيرلس السادس
08 مارس 2013 - 29 أمشير 1729 ش
كان البابا كيرلس السادس متواضعًا بالحقيقة، وقد شهد بتواضعه كل من رآه.
قال عنه المتنيح الأنبا مينا الصموئيلي، الذي كان تلميذًا لقداسته لفترة طويلة بطاحونة الهواء بمصر القديمة: "كان أبونا مينا المتوحد (البابا كيرلس السادس) ينظر لكل إنسان على أنه أفضل منه".
قال عنه المتنيح الأنبا أثناسيوس مطران بني سويف: "في أحد الأيام قمت بإلقاء عظة في الكاتدرائية المرقسية بكلوت بك في وجود قداسة البابا كيرلس السادس، وبعد إلقاء العظة قال لي: انت يا أخويا عمّال تُشخُط وتُنطُر في الناس كده ليه؟ احنا عارفين مين أحسن من التاني؟".
ولكي نعرف فكر البابا كيرلس السادس، وإرشاداته عن التواضع، نقرأ رسالة أرسلها قداسته لأحد أبنائه، يقول فيها:
”يا ابني الذي أنا أُحبّه بالحق داوم على شكر الإله، وسلّم له طريقك وهو يُدبِّرك في كل أمورك. تمسّك بالتواضع أبدًا، واطلب بلجاجة من الواهب النّعم أن يكمّل لك التواضع؛ لأنه حقًا إن أنت اقتنيت التواضع ملكت كل شيء. قال السيد المسيح له المجد: «تعلّموا مني فإني وديع ومتواضع فتجدوا راحة لنفوسكم». قال معلمنا داود النبي: «اتضعت فخلِّصني»، ويقول: «انظر إلى تواضعي وأنقذني»، وأيضًا: «لرب يُعلِّم المتواضعين طرقه»، والرسول يقول: «يعطي نعمة للمتواضعين». فاحرص جدًا وجاهد ما أمكنك أن تطلب لكي يهبك الرب هذه النعمة (نعمة التواضع).
ومعلمنا العظيم في العارفين مار إسحق كتب فصلًا عن التواضع مَنْ دَرَسَه يعرف لوقته كم هو عظيم جدًا التواضع. يقول: "ليس مَنْ يقول عن نفسه أنه متواضع هو كذلك. وليس من يتذكّر خطاياه ليتضع هو متواضع. وليس لأجل قليل دموع تفيض من عينيه يفكر أنه متواضع. بل التواضع الحقيقي هو موهبة يعطيها الرب لمن يطلبها بعد اجتهاد كبير، فإذا ما اقتناها الإنسان حقًا وجد كل الخيرات. المتواضع لا يسقط أبدًا. المتواضع منظره مخيف للشيطان، لأن الإنسان الذي نال هذه النعمة قد تشبّه بذلك الذي اتضع وأخذ شكل العبد. يتكلم الفلاسفة والحكماء كثيرًا وقلّما يُستَمَع لكلامهم. ويتكلم المتواضع وتجد آذان الكل صاغية إلى كلماته البسيطة، ومحبوبة عندهم سذاجة ألفاظه أكثر من الكل ... يلذُّ لي جدًا أن أكتب عن هذه النعمة التي دائمًا وأبدًا أطلب من ربي ومخلِّصي أن يعطيني وإياكم“.